التدخلات الدولية في الشأن المحلي لم تنقطع يوما وبالأخص دول الجوار دونما استثناء بما فيها الدول العربية تسعى كل منها الى تحقيق مصالحها في بلد تسيطر عليه ميليشيات تصرفاتها تفتقد الى ابسط المعايير الانسانية,فلا شيء يعلو فوق صوت الرصاص.
الايطاليون يعتبرون ليبيا شاطئهم الرابع,رغم ان بقائهم بها لم يتعدى الاربعة عقود إلا انهم تركوا شعبا يستخدم في معاملاته اليومية مصطلحات(لغوية) ايطالية اخذة في الترسخ عبر الاجيال,كما ان ايطاليا تعتبر احد اهم الشركاء الاقتصاديين من خلال الحضور الفعلي لشركاتها في مجالي النفط والغاز,لذلك جاءت تسمية الجنرال الايطالي باولو سييرا مكلفا بالشؤون الامنية ضمن البعثة الاممية في ليبيا,كما ان الحكومة الايطالية قامت بإنشاء مستشفى ميداني لعلاج جرحى البنيان المرصوص التابع لحكومة الوفاق.
حاولت ايطاليا بالتعاون مع الامم المتحدة ان تدعو اناس ليس لهم ثقل اجتماعي او دور سياسي بارز كما فعل المنظمون لمؤتمر الصخيرات الذي لا زلنا نعاني تبعاته,ربما اسقطت بعض الاسماء لكنها اتت بأسماء اخرى نسب بعضها الى النظام السابق,منهم من انشق عن النظام باكرا,باع ما لديه من املاك والتحق بركب الثورة وعاد بعد سقوطه؟ ومنهم من شق عصا الطاعة وخرج على النظام الذي عمل به لثلاثة عقود ويعتبر احد دعائمه فساهم في جلب الاستعمار الى البلد بحجة حقوق الانسان؟ فهل تعززت حقوق الانسان في البلاد ؟سؤال الاجابة عنه برسم من ساهم في قتل وتشريد الشعب وتدمير البلد ووضعه تحت الوصاية الدولية,وآخرون فروا بما خف وزنه وغلا ثمنه؟ طمعا في الحياة متناسين ان الحياة وقفة عز,يتوسلون الى هؤلاء وأولئك(الحكام الجدد) علهم يتحصلون على بعض المناصب التي حرموا نعمتها على مدى سبع سنين,ألا يخجل هؤلاء بان يحضروا المؤتمر تحت مسمى(اتباع النظام السابق)! فعلا اذا لم تستحي افعل ماشئت.
المجلس الرئاسي يثبت مجددا عمالته للمجتمع الدولي والتفريط في السيادة الوطنية من خلا اصداره مؤخرا القرار رقم «1454» لسنة 2018 بشأن تأسيس هيكلية آلية التنسيق المشترك مع المجتمع الدولي وتتكون الهيكلية من اللجنة العليا للسياسات التي تضم رئيس المجلس الرئاسي بمشاركة رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ووزراء التخطيط والخارجية والحكم المحلي والمالية،وسفراء الدول الداعمة ورؤساء بعثات المنظمات الدولية المعنية ببرامج الدعم.
كثرة المؤتمرات الدولية تدل على مدى ارتماء الحكام الجدد في أحضان المستعمرين وتنفيذ اجنداتهم,التي تهدف بالضرورة الى استمرار الأوضاع الراهنة(دعم حكومة الوفاق) المتمثلة في انعدام الامن وتدهور الاقتصاد الى ادنى مستوياته بحيث اصبح غالبية الناس يعجزون عن توفير لقمة العيش,إضافة الى ارتفاع معدلات الجرائم.
البنوك التجارية اغرقت بالأموال فتم توزيع جزء منها على الشعب بعد طول انتظار,ترى هل ذلك نتيجة الإصلاحات الاقتصادية وفتح الاعتمادات لكبار التجار(وقد بدا على الأوراق النقدية تهالكها وتعفنها نتيجة التخزين)؟.ام ان الحكومة كانت تخزنها وقامت بتوزيعها لامتصاص غضب الشارع والإيهام بجدوى الإصلاحات الاقتصادية؟.
المؤسف له حقا ان نجد زعيم (ثوار طرابلس) احد زعماء الميليشيات التي ساهمت في كافة العمليات الاجرامية بالعاصمة والمناطق المجاورة لها على مدى السنوات السابقة والتي تم ضمها الى وزارة الداخلية ضمن برنامج الترتيبات الأمنية (نعتبره إعادة انتشار ليس إلا)يجوب على البنوك بالعاصمة ويأمرها بتوزيع السيولة على المواطنين!,انه من الصعوبة بمكان ان يتحول المرء من سفاح الى قديس.ان المؤسسات العامة ومنها البنوك ليست في حاجة الى حماية,فقط اتركوها لحالها أيها المجرمون.
لقد أسست حكومة الوفاق الوطني للفساد بنيانا مرصوصا تخاله لن يهتز. لكن اعضاءها يسجلون تاريخا تضج ميادينه وطرقه وأزقته واحيائه بأصوات اهالي القتلى الأبرياء وآهات الجرحى ودعاوى المظلومين.
لو كان المتحكمون في امور البلد وطنيين حقا لما ارتكبوا جرائمهم المتعددة التي تندى لها الجباه.