أصبح من الضرورات المُلِحَّة على الجهات الناشرة أن تضع تصنيفاً للكتب ليسهل على القارئ معرفة محتوى وفحوى الكتاب منذ النظرة الأولى ليُسَهِّلَ عليه اختيار واقتناء ما يشاء من الكتب خاصة أن القارئ يدخل في زحامٍ ورقيٍ شديد،فمهما كان دقيقاً في اختياراته ستواجهه الحيرة في معرفة محتويات بعض الكتب وهنا نكتشف مشكلةً قديمة متجدّدة.
ما أكثر الكتب التي تنسب إلى ألوانٍ أدبية مختلفة ويروعنا المشهد حينما نكتشف أن الكتاب لا علاقة له بالشعر ولا الرواية ولا السرد ...الخ
بل عبارة عن خليطٍ عجيب يصعب تصنيفه،وبالتالي يسقط اسم الكاتب من ذاكرتنا سريعاً،وهناك من تعمّد إخفاء التصنيف ليثير فضول القارئ متسلّحاً بقناع الغموض الذي سيسقط سريعاً هو الآخر أمام قارئ ٍ فطين اكتسب خبراتٍ مشروعة في فنون القراءة والمطالعة والتقييم،لكن ما ذنب القارئ الناشئ الذي يغوص في بركةٍ ضحلة متصوّراً نفسه في عباب بحرٍ عظيم !
قد يدافع البعض عن التجارب الجديدة أو مسمّيات الكتابة الجديدة بمفرداتٍ متداولة ( التجريب والتغريب ) وهناك من يطالب بإتاحة الفرصة لهذه النماذج لعلها تقدّم ما عجز عنه فطاحل الأدب،لكن الفيصل الوحيد لمعرفة جودة الكتاب حتى وإن تعذّر علينا تصنيفه هو المفردة والموضوع والمعنى،فإن غابت المضامين يصبح الكتاب بلا قيمةٍ حقيقية ولا يستحق القراءة،لذلك لجأ بعض الدخلاء أصحاب القدرات المعدومة إلى التشبّث بألوان أدبية عريقة ليتعلّقوا بقطار الثقافة الذي يمرّ سريعاً في عالمٍ ملئٍ بالتحوّلات الثقافية المبهرة وعلى الكاتب أن يواكب هذا التطوّر لا أن يعود إلى عصورٍ ظلاميةٍ بدائية دون يمتلك أدوات المعرفة الأساسية ويطالب القارئ بتحمّله ،لذلك نشاهد مزيجاً مدهشاً من التصديق والتكذيب لهكذا كتب تعجّ بها مكتباتنا مع خالص التقدير لجهود الكُتّاب في تقديم أدبٍ معاصر .