مرّت على الأغنية العراقية العديد من الأسماء والحناجر الذهبية طيلة تاريخها الطويل الذي يمتد إلى قرنٍ من الزمن،و ازدهرت الأغنية العراقية في حقبة الخمسينات والستينات والسبعينات وظهرت أصواتٌ مميزة خلّدت تاريخها بأغنياتٍ رائعة ،منهم من استمر حتى وقتنا الحاضر ومنهم من توفّاه الله سبحانه وتعالى،ومنهم من اختار التوقّف والعزلة لأسبابٍ مختلفة،إلا أن حكاية الفنان صباح السهل تبدو مختلفةً بشكلٍ كبير عن بقية أقرانه فهذا الفنان صاحب الصوت العذب المميز والذي أظنه لن يتكرّر ،بقيت أغنياته حاضرة في قلوب المحبين رغم رحيله قبل أكثر من ربع قرن بنهايةٍ حزينة ومؤسفة لا تتفّق مع عذوبة أغنياته واحساسه المرهف وصوته الشجي الذي طالما أمتع الجماهير بسلسلة من الأغنيات لعل أبرزها على الإطلاق هي أغنية ( بلايا وداع ) التي كتبها الشاعر الكبير عريان السيد خلف،ولحّنها الملحن العبقري محمد جواد أموري وهي الأغنية التي شاعت وعرفت كثيراً وساهمت في تثبيت مكانة صباح السهل في عالم الأغنية العراقية.

صباح  محسن محمد أو كما عرف ب ( صباح السهل ) عاش حياةً صعبة وشقّ طريقه بصعوبة رغم تميّزه عن بقية أقرانه بصوته الفخم وجاذبية حضوره على المسرح، فهو موهبةٌ كبيرة كان من الممكن أن تستغل بشكلٍ أفضل ولعل من لاحظ أدائه الخرافي في أغنيته الخالدة ( إخِذ شوقي ) التي كتبها الشاعر كاظم الرويعي ولحّنها كمال السيد،سيكتشف أبعاداً أخرى لإمكانيات هذا الفنان والذي تأثّر كما تأثّر جميع مطربي العراق بالظروف التي عاشها العراق في الحرب مع إيران طيلة ثمان سنوات وما تلاها من  حربٍ خاسرةٍ مطلع التسعينات،فقد أصيبت الأغنية العراقية وقتها بالشلل إلى أن ظهرت أصواتٌ جديدة قدّمت ألواناً أخرى من الفن في فترةٍ لاحقة.

(صباح السهل )الذي أعدم بطريقةٍ وحشية إثر وشايةٍ أودت بحياته، مُنعت أغنياته حتى سقوط بغداد عام 2003 ،واليوم عادت أغنياته إلى الظهور بعد فترةٍ طويلة من الحجب في عصرٍ تعيش فيها الأغنية أسوء مراحلها على الإطلاق من وجهة نظر النقّاد،صباح السهل نموذج فني للفنان الذي قدّم الكثير وحصد القليل وساهم المحبّون الأوفياء في حفظ تراثه الفني من الضياع وتقديمه للأجيال الجديدة التي لم تعاصره بصورةٍ عصريةٍ مميزة.