كَالطّوْقِ حولَ النّحْرِ يَخْتَرِقُ الفَلاَ.........كالتّبْرِ يحتضنُ الرّمَالَ مفارِشَا
هــُـــوَ تُحفةُ البارِي تَقَدّسَ صُنعُهُ......وَهو المـــــُـــصَوِّرُ إنْ تفَنّنَ أدْهشَا
لكَ يا طـُـــويقُ لدىَ التّأمُلِ رهبة.ٌ........قد ألهَبَتْ مِن فَرْطِ هيبتِهاَ الحشىَ
من نــــــجدٍ اليمامةِ أشرقَتْ........لكَ أنجمٌ زانتْ قفارًا موحشــــَا
فـــبدوتَ كـــالدرعِ الحصينِ معانقًا......... كبدَ السّمَا يلتفّ حولَكَ حيثُ شَاء
جبال طويق تحفة ربانية تأسر الألباب...
من نجد اليمامة يتراءى للناظرين طوق كأنه التبر الخالص حين يلتف حول نحر الحسناء فـ يخطف سحره الأبصار. إنها سلسلة من الجبال بدت كالدرع الحصين يعانق الآفاق في رهبة أزلية.
هنالك حيث يتجلى الجمال في أبلغ صوره تتربع هذه التحفة الإلهية النادرة و قد بدت تعانق الأفق. إنه منظر رهيب يدعوك في إلحاح إلى التدبر في صنع الخالق ويحكي تجارب إنسانية ضاربة في جذور التاريخ الغابر.
تتوسط سلسلة جبال طويق قلب الفلاة مشكلة درعا صخريا منيعا يمتد من الأردن على امتداد يبلغ 800 كيلومترا بالغا منتهاه عند منطقة العارض و هي ما يعرف بمنطقة الرياض.
أصل التسمية:
تستمد جبال طويق تسميتها من اللفظ العربي الفصيح ''طوق'' و طويق هي تصغير للكلمة وتعتبر هذه التسمية تصويرا مدهشا لطبيعة هذه السلسلة الجبلية التي تلتف صانعة طوقا حقيقيا.
محطات تاريخية:
جبال طويق هي ضرب من ضروب التصميم الإلهي الفريد الذي يعتبر صورة ناطقة تخاطب زائرها فتروي له محطات تاريخية و دلائل و شهادات أثرية لتعاقب الحضارات الإنسانية الغابرة. و لها ارتباط وثيق بالتاريخ الإسلامي العريق. حيث كانت هذه الشعاب الجبلية معايشا لأسلافنا من العصور الغابرة و مما يجدر ذكره هنا ارتباط المنطقة بقصص تاريخية إذ مثلت مسرحا ساخنا لتاريخ حافل.
أغلب حواضر منطقة نجد كانت قد تركزت عبر التاريخ حول جبال الطويق، كما أنّها قد تركّزت على الأودية الممتدّة على جوانبه من عصر الجاهلية، هذا ويسمّى هذا الجبل عبر التاريخ باسم جبل العارض، كما سمّي أيضاً بعارض اليمامة، وقد ظل هذا الاسم القديم متداولاً إلى العصور الحديثة، ومن هنا جاءت تسمية منطقة العارض، إذ تشمل هذه المنطقة كلَّاً من محافظة الحريق، والرياض، والدرعيّة، وحوطة بني تميم، وضرماء، والعيينة، ومناطق أخرى، بالإضافة إلى ذلك فإنّ جبل طويق يشكل حاجزاً كبيراً بين كلّ من قرى سدير من الجهة الشرقية، وبين قرى الوشم من الجهة الغربيّة. كما أن التسمية الشائعة لسلسلة طويق هي حافة العالم أو نهاية العالم نسبة لطبيعة امتداد المنطقة الذي يبديها و كأنها حدود حصينة تحف العالم ولا يكاد يوجد وراءها شيء.
أهمية جبل طويق:
تكتسي جبال طويق أهمية بالغة بالنظر إلى الموقع الجغرافي البالغ الأهمية إذ يرتبط بشبكة من الأودية التي جعلت المنطقة قلبا نابضا بالحياة تمركزت حوله الحضارات الإنسانية السابقة و قد عثر المؤرخون ما يثبت وجود حياة حافلة و مزدهرة بالمنطقة و قد ذهب البعض إلى الاعتقاد أن منطقة طويق كانت بحرا تحول بفعل الزمن والتغيرات الجيولوجية إلى الشكل الحالي.