لقد اتضح للجميع بان حرب اكتوبر لم تكن لأجل التحرير بل لتحريك الوضع الراهن  والهرولة نحو العدو والتطبيع معه,لقد الحرب اظهرت الوجوه الحقيقية للحكام العرب وبالأخص ما يسمى بدول الطوق,فكانت اتفاقية كامب ديفيد المشئومة,اتبعتها اتفاقية اسلو حيث انتقلت السلطة الفلسطينية الى الداخل لترتمي في احضان العدو وتكون عينه الساهرة على امنه,اما بالزج بالنشطاء في سجونها او الابلاغ عنهم ان تعذر عليها الامساك بهم.اتبعتها اتفاقية وادي عربة ليطمئن العدو على جانبه الشرقي,ليس ذاك وحسب بل كوفيء من قبل الحكومة الاردنية بأن تنازلت له عن اراض ليست محل نزاع لاستثمارها وعلى مدى ربع قرن قابلة للتجديد!,وكأني بالسلطة الاردنية الموقعة المتخاذلة تقول,بأنها لا تجيد استصلاح الاراضي وكل ما يتعلق بالاعمار,بل في التجارة.. وأي تجارة؟ المتاجرة بالوطن لتبقى اطول مدة في السلطة.

ابان حرب 1967 احتل كيان العدو اراض شرق خط الهدنة الفاصل بين فلسطين والأردن تبلغ مساحتها 387 كيلومتر مربع وهي في معظمها اراض زراعية وعرض العدو على الأردن في معاهدة وادي عربة تبادلاً لهذه الأراضي الزراعيّة بأراضٍ صخريّة داخل صحراء النقب ضمن مجموعة تبادلات حدثت في المنطقة شملت أجزاءً من الأحواض الملحيّة جنوب البحر الميّت، فوافقت الحكومة الأردنيّة على ذلك!. تقول المصادر ان الاردن وافق على استرداد 850دونم فقط من اصل 6000 دونم من الباقورة (نهاريم) متنازلا عن الباقي لصالح كيان العدو,ترى أي نوع من البشر هؤلاء الذين يفرطون في الارض والعرض؟ وماهي الاموال التي تم تحصيلها من قبل العدو كإيجار وهل تم الاستفادة منها ام ذهبت الى جيوب من هم في السلطة؟.ماذا لو قطع كيان العدو مياه الشفه عن العاصمة؟.هل تحسبت السلطة الاردنية لذلك؟

لقد تعهد الاردن بالاتفاقية بأن يمنح دون استيفاء رسوم،حرية غير مقيدة لمستعملي الأرض (الإسرائيليين) أو ضيوفهم أو مستخدميهم بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها والحركة ضمن حدودها وأن "لا يطبق تشريعاته الجمركية" عليهم و"أن لا يفرض ضرائب تمييزية أو رسوم تمييزية على الأرض أو الأنشطة ضمنها". كذلك تعهد الأردن بـ"أن يتخذ الإجراءات الضرورية لحماية أي شخص يدخل المنطقة حسب الملحق والحيلولة دون مضايقته أو إيذائه ... وأن يسمح بدخول رجال الشرطة الإسرائيلية بلباسهم الرسمي،بالحد الأدنى من الشكليات،إلى المنطقة،لغرض التحقيق في الجرائم أو معالجة الحوادث الأخرى المتعلقة حصرا بمستعملي الأراضي أو ضيوفهم أو مستخدميهم". نتمنى ان يعيد الاردن اراضيه المحتلة (الباقورة-نهاريم\والغمر تسوفار)وان كنا نرى بان ذلك لا يعدو كونه مناورة لكسب الرأي العام الذي اصبح يعيش في احلك الظروف نظرا لارتفاع اسعار السلع الاساسية والكم الهائل من الضرائب التي تثقل كاهل المواطن,النظام الاردني منذ نشوئه لا نقل خاتم في اصابع الاعداء بل سيفهم المسلط على رقاب الشعب الاردني والمتاجر بالقضية الفلسطينية ومحاولة وأدها,وأحداث ايلول الاسود 1970 لا تزال في ذاكرتنا .

الايادي التي فرطت بالأرض سواء بالبصم او التوقيع لا يتوقع منها يوما ان تحمل ذات القلم لتعلن ندمها على ذلك,فما بالك بحمل السلاح لتحريرها,لقد سرت دماء الخيانة في عروقها, والحديث عن عدم التجديد لن يبيض وجهها امام الجمهور الذي استغفلته ليخرج في مظاهرات لتأييد السلطة,وكأنما هو عمل جبار تستحق عليه الشكر والثناء,الحرم القدسي الذي تشرف عليه والذي هو على مرمى حجر ويمكن مشاهدته بالعين المجردة,تتحكم فيه قوى البغي والعدوان, السكان يذوقون شتى اصناف العذاب وحكومات الاردن المتعاقبة تقيم افضل العلاقات مع كيان العدو,ترى عن اي ارض يتحدث من هم في السلطة اليوم,المؤكد انهم ليسوا من سلالة آل البيت (بني هاشم) التي يتخذون منها اسما لمملكتهم.