شاهدنا وما زلنا نشاهد ونسمع ونقرأ هذا الكم المهول من ردود الأفعال المصطنعة والمتخفية خلف قميص يوسف تجاه اختفاء جمال خاشقجي فهل لهذا الرجل قيمة ثقيلة يتساوى فيها مع دولة بحجم السعودية ومصالحها على افتراض صحة ما نُشر من أكاذيب باطلة؟

تعرية الحقائق تستوجب أن نرى رأي العين من هو صادق معنا ومن هو كاذب ومتلون ضدنا لا شك بذلك وإحدى الفرص التي تجلب ذلك هي ما يحدث الآن من عمل منظم ومتناغم لكن خطأه أنه كان دعائياً أكثر من اللازم فانكشف معه قناع من أقنعة ما يُحاك في الخفاء دون أن يحسب حساب ذلك ممولوه ودافعيه فكان جيداً للسعودية أن تضربه بمقتل قبل أن يأخذ نَفَسَهُ الثاني.

يحدونا السؤال في العنوان للبحث والتقصي بعيداً عن العاطفة حتى نُرسِّخ في ذهنية الشعب حقيقة المستهدف في السعودية فعلياً، هل هو الشعب أم قيادته أم النظام الملكي الذي يدير البلاد بحد ذاته؟

لكلٍ عدو حتى وإن كان مسالماً شخصاً كان أو جهة بعينها هذا أمر مفروغ منه فالبشر يظلون بشر يكابدون أنفسهم ويكابدون بقية البشر وإن اتخذ أحدهم ركناً قصياً يلوذ به عنهم.

عبر أعوام مديدة أُستُهدِف الشعب بكل مكوناته واستُهدِفت قيادته متمثلة بآل سعود بالاسم بأكثر من طريقة وبشكل مباشر ومع ذلك مرت كل العواصف المفتعلة بسلام فهل فعلاً كان المستهدف هذا الشيء تغيير لمجرد التغيير لنمطية مجتمع أو شخص مكان شخص آخر لم يعجبهم؟

الحصيف من ينظر لما هو أبعد من ذلك وما أعنيه هو النظام الذي يدير كل ذلك وليس عيباً أو ضعفاً أن نتحاشى تسليط الضوء على النظام الملكي وندافع عنه.

الملكية ليست نظاماً طارئاً على العالم قديماً وحديثاً فهي من أكثر النُظم الحاكمة المعمول بها عبر التاريخ وإن استعارت أسماء مختلفة بين الفينة والفينة في بعض الدول.

عندما يُذكر أننا مستهدفون في عقيدتنا ووطننا فنحن حتماً مستهدفون ومستهدفون أيضاً في نظامنا الملكي الذي يدير البلاد قيادةً وشعباً.

هل رأينا رأي العين ما يوجب تغيير هذا النظام الملكي؟

العاقل لن يرى شيئاً يجعله يفكر بذلك كيف ونحن نعيش منذ 88 عام في كنف هذا النظام الملكي والذي تديره أسره معطاءه وحصيفة تجاوزت الكثير من العقبات لتنتج لنا حكماً وصل لأن يرسم ويبدأ فعلياً في بناء مستقبل يسبق المستقبل المتوقع، انتبهوا لذلك جيداً.

لا أبالغ في ذلك وكم نحتاج لأن نتفكر وننظر للبعيد في هذه الخطوة غير المسبوقة خاصة ما يدور عن (نيوم) فهي لوحدها عمل يسبق الكثير مما تحاول الدول حول العالم رسمه وعمله لأوطانها ولن يهدأ بال الأعداء قبل أن يؤثروا على هذا المشروع وعلى غيره من الخطط التي تعمل عليها السعودية.

ثقوا بقادتكم فهم عوناً لكم وليسوا فرعوناً عليكم تحت كل الظروف، ثقوا بنظامكم الملكي فهو بدأ بالبناء من الصفر وما زل في ديمومة البناء وسيظل بإذن الله تعالى يبني ونعم نحن طموحنا يتخطى عنان السماء.

من المبهج أن نرى اللحمة الوطنية في السنوات الأخيرة أنتجت انصهاراً ووعياً متبادلاً حتى انقطعت معه العديد من الحبال التي  كانت تعمل على توتير المجتمع داخلياً ضد قيادته في الخفاء والعلن.

لنحافظ على هذا المكتسب الثمين ونعض عليه بالنواجذ فالدول لا تتعاظم بين قريناتها بسهولة وطريق مفروش بالورود، الدول تتعاظم بلحمتها الوطنية ثم بسواعد رجالها الذين يبنون بيد ويدفعون الأذى باليد الأخرى.

نعم وألف نعم عاش سلمان عاش محمد وليشرب كل أفاكٍ أثيم من بحر العلقم فنحن نثق بهم ونثق بقيادتهم لوطننا ولسنا فوقها بحاجة لمن يعيّرنا بملكيتنا وهو يعيش في وضع مضطرب فلله الحمد والشكر والمنة على ما أنعم علينا به من نعم.

أختم...

لعل هناك من لن يعي لماذا أُسلط الضوء على أهمية النظام الذي يدير البلاد أياً كان هذا النظام وهذا البلد.

كسر السلسلة للأبد تبدأ بتدمير القيادة أو الشعب حسب ما يتوفر للعدو في حينها حتى يسهل بعدها تدمير النظام ولنا في العراق عبرة فكان القائد ثم تم حل النظام القائم وماذا كانت النتيجة سوى فوضى مؤلمة.

وللمغرم بالغرب لينظر لأمريكا على سبيل المثال، من يعمل من الأمريكيين داخلياً ضد النظام الأمريكي الذي يدير البلاد ما ذا يكون مصيره؟

فتشوا جيداً فليس هناك شيء اسمه حرية مطلقة في الغرب قبل غيره.

#عارف_الحيسوني