بحجة حماية المدنيين من جبروت النظام,وبتآمر عربي ودولي,تم التدخل لصالح تلك الجماهير لكن الفاتورة كانت جد باهظة,لما يربو على الثلاثين الفا من القتلى من مختلف شرائح المجتمع ومثلهم او يزيد من الجرحى بعضهم اعاقة مستديمة,تدمير كل ما وصلت اليه ايدي العملاء من مباني عامة وخاصة,التجئوا الى الخزينة العامة لاستنزافها فخصصت المليارات لعلاج الجرحى بمختلف مشافي الدول التي شاركت في الغزو عرفانا بالجميل,مصحوبين بمرافقين لهم يقطنون افخر النزل في محاولة لإنعاش اقتصاد تلك الدول.

الحكومات السابقة ربما كانت محلية المنشأ لكنها بتوافق اقليمي ودولي,شابها نوع من الاتزان الجهوي والفكري,فكانت البلد الى حد ما شبه مستقره امنيا واقتصاديا,وبالتأكيد فان الاموال الضخمة التي كانت بالخزانة العامة ساهمت في ذلك رغم الاهدار المتعمد.  

عندما تضاربت مصالح العملاء او لنقل بعبارة اخرى مصالح الدول الداعمة لهم ومحاولة الاستفراد بالسلطة,فكانت عملية فجر ليبيا العام 2014م,انتصر احدهم على الاخر نصرا مبينا, خلفت مئات القتلى والجرحى ,كل ذلك جرى على مرأى ومسمع الامم المتحدة لكنها لم تحرك ساكنة وكأنما الذين سقطوا قتلى وجرحى,وآلاف المشردين لا يعنيها في شيء,بل ربما كان لزاما ان يحدث ذلك,فالعمالة مراتب وأصحاب العلامات المرتفعة جديرون بالبقاء,ولكن الى حين.

الحكومة الحالية القابعة في (المنطقة الخضراء) المنصّبة دوليا المتعاونة ماليا مع الميلشيات (المحلية)الاجرامية التي تسيطر على العاصمة بعد طردها الميلشيات الدخيلة,لم تحقق أي شيء للشعب يمكن لها ان تتفاخر به,الاوضاع الامنية والمعيشية والصحية ازدادت تأزما,جثث ملقاة على قارعة الطريق,اختطافات طالت كافة فئات المجتمع بمن فيهم بعض صغار المسئولين ,الحكومة لا نقل متآمرة ولكنها تضرب كف بأخرى كدليل على مدى عجزها بسبب ارتمائها في احضان الميلشيات,بل وللأسف اضفت عليهم طابع الشرعية.الاحداث الجارية حاليا بطرابلس وضواحيها نتيجة مطالب محددة اعترف المندوب السامي للأمم المتحدة بأحقيتها.ومنها حل الميلشيات وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات برلمانية وتشريعية في اقرب الاجال ومحاسبة "بارونات " النفط والغاز وأولئك المتلاعبين بالأموال العامة من خلال الاعتمادات التي سيّلت برسم التحصيل ولم تورد المواد الضرورية وكمثال على ذلك مادة الدقيق,ما ساعد على ارتفاع سعر رغيف الخبز بشكل جنوني وإحداث طوابير على المخابز في بلد اصبحت الطوابير به احد سماته الصحية.

الحكومة بدل ان تستجيب لمطالب (المهاجمين-الذين تعتبرهم خارجين عن القانون) ومنها حل الميليشيات فإنها سارعت الى تشكيل غرف امنية من منتسبي هذه الميليشيات(نح من الشارب وحط في اللحية) استخفافا بالعقول,كما انها قامت بفرض ضريبة على شراء العملة الصعبة بحيث تمكن اصحاب رؤوس الاموال من الاستحواذ على كل ما يطرح في السوق وان كان على هيئة تحويلات ليزدادوا اثراءا ويزداد المواطن البسيط بؤسا.

يبدو ان حكومة الوصاية ادركت هذه المرة ان اللعبة ليست لصالحها بل قد تؤدي الى اسقاطها وذلك يتوقف على مدى التحرك الشعبي الذي ضاق ذرعا بكل تصرفاتها الصبيانية غير المسئولة,فسارعت الى الاستنجاد بالأمم المتحدة للتدخل العسكري لوقف الاحتراب,بحجة حماية المدنيين.المؤكد ان الامم المتحدة لن تتدخل عسكريا في احداث داخلية بحثه ويحتاج القرار الى موافقة مجلس الامن الذي نجزم بان الروس لن يسمحوا باستصداره واستوعبوا الدرس من خلال موافقتهم الضمنية على القرارين1973,1970,حيث دخلت البلاد في دوامة العنف اللامحدود,الحل يكمن في ازاحة متصدري المشهد السياسي الاجسام المنتهية الصلاحية وتشكيل مجلس عسكري لإدارة البلد او ان تتولى المحكمة العليا ذلك بتفويض من الشعب وحل كافة التشكيلات المسلحة,ومن ثم الدعوة الى انتخابات تكون شفافة ونزيهة وبإشراف دولي .