بقلم: سامي بن سعد الذبياني 
تاريخ: 15\1\1440 هـ 

###

في الخلافة الراشدة، وفي عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ظهرت فتن كثيرة، كان من أبرزها الفتنة التي حصلت بين معاوية بن أبي سفيان وبين علي رضي الله عنهما، والتي انتهت برضى الطرفين بالتحكيم.

ثم ما لبث علي رضي الله عنه بعد قبوله ورضاه بأمر التحكيم إلا زمنًا يسيرًا حتى سمع أصواتًا تتعالى: لا حكم إلا الله، لا حكم إلا لله.

فهم علي رضي الله عنه مغزى هؤلاء القوم من هذه الكلمة التي يتشدقون بها، ويرفعون بها أصواتهم باسم النصيحة والغيرة على الدين.

فهم رضي الله عنه مكر هؤلاء القوم ودهائهم لإثارة الفتنة وإشعالها، فما لبث أن قال على منبره ردًا على هذا زعمهم الباطل: كلمة حق أريد بها باطل.

وصدق رضي الله عنه، فقد تبين بما لا يدع مجالًا للشك كذب إدعاء هؤلاء القوم، وتبين للناس فيما بعد أن هؤلاء ليسوا إلا خوارج مارقين، أرادو الانتصار لأنفسهم ولأهوائهم ولباطلهم باسم الدين!

واليوم في عالمنا المعاصر نرى مزاعم وإدعاءات هي من هذا النوع.

ظاهرها النصيحة لله ولرسوله ولدينه، وباطنها هدم الدين وطلب المصلحة الشخصية لا أقل ولا أكثر.

من الأمثلة على ذلك: من يشنع على الولاة المسلمين باسم النصيحة والانتصار للدين وهدفه وغايته كرسي الحكم وما يقرب إليه.

ومن أمثلة ذلك أيضًا: من إذا تعارضت مصالحه وأهوائه مع أمر يريده ويسعى إليه، أخذ يبحث في دين الله عن نصوص وأحكام توافق هواه، فيأتي بهذه النصوص يرفع عقيرته بها، وهدفه الأسمى وغايته الكبرى الانتصار لشخصه وهواه لا لدينه.

ومن أمثله ذلك أيضًا: من يجعل من الشوكة يشاكها مناحة يجتمع عليها الخلق، ومن الكلمة التي لا قيمة لها دوي طبل يرعد لأجلها، ويزبد من أجلها، حتى يتم له مبتغاه باسم النصيحة وباسم الدين!

وهذه الأشياء وأمثالها وإن كانت مما يتعلق بمقاصد الناس ونواياهم، إلا أن من أعمل ذهنه في فهم دوافعها، ومعرفة أسبابها، علم أن أكثر هذه المزاعم والادعاءات منشأها الهوى الصرف، لا الانتصار للحق والدين، وأنها ليست سوى نصائح ثعالب، يقبع وراءها السم الزعاف، والهلاك المودي، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي...

***

لا أسمح بنقلها ومن أراد النقل والاستفادة منها فعليه

 أن يتواصل معي عبر حسابي في تويتر: 
@samimk0