استكمالا لمسلسل البلطجة والعربدة الأمريكية الاسرائيلية طردت أمريكا بالأمس رئيس البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن وطالبته بالرحيل فورا مع عائلته بعد اغلاقها لمكتب السلطة الفلسطينية في أمريكا ردا على تقديم فلسطين لشكوى ضد اسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية . خديعة التفاوض التي أظهرت الفخ الذي سقط فيه الفلسطينيون والذي صنعته أمريكا وإسرائيل لكسب الوقت من أجل القضاء على القضية الفلسطينية للأبد، فمنذ أن حصلت فلسطين على عضوية الأمم المتحدة في نوفمبر عام 2012 والجميع ينتظر أن تقتنص الفرصة من أجل استعادة شيء من حقوقها المسلوبة وتقدم مجرمي اسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية ولكنها لم تفعل.

ورضخت السلطة للضغوط الامريكية وعاشت على حلم الاعتراف بالدولة الفلسطينية واعلان قيامها بعد تسوية دائمة ترعاها أمريكا . ولكنها انتظرت طويلا فأكملت إسرائيل مشاريعها الاستيطانية الجديدة في الضفة وشنت حربا جديدة على غزة عام 2014 قتلت فيها أكثر من ألفين شهيد ثم جاء ترامب ليجهز على ما تبقى من الحلم بسرقة مدينة القدس ثم اقتراحه بأن تصبح فلسطين كونفدرالية تابعة للأردن ويوقف مساعداته للأونروا كي يمرر صفقته القذرة ويجهز على ما بقي من فلسطين.

واليوم يقوم محور الشر بشن حربا شرسة ضد المحكمة الجنائية الدولية كي لا يحاكم مجرموهم على جرائم ارتكبوها في أفغانستان وحرب غزة الأخيرة والواقع ان سجلهم الإجرامي أكبر واقدم من ذلك بكثير ومستمر منذ عقود ولو شئنا الانصاف منذ قرون ، فلازالت دماء الأبرياء تستصرخ طلبا للقصاص منذ غزوات التأسيس التي أقتلعت سكان أمريكا الأصليين من أراضيهم لتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية والتي تشبه إلى حد كبير المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الأربعينات لسرقة الأرض الفلسطينية.

وبعد أن ولى زمن العدل يمجد المجرمون تاريخهم وجرائمهم المشينة وبمنتهى البجاحة يبررون قتل الأبرياء بل ويعيشوا في دور الضحية حيث قدمت إسرائيل  شكوى أمام الجناىية الدولية ضد قضاة تتهمهم بأنهم معادون لاسرائيل بسبب نظرهم للشكوى التي قدمتها فلسطين وتتهم اسرائيل بإرتكاب جراىم حرب في حرب غزة الأخيرة. بينما تهدد أمريكا وتتوعد للمحكمة الجنائية الدولية. أي ان المجرم يقدم نفسه للعالم في دور الضحية وبقيت الضحية لتتساءل عن مصيرها والذئاب تتربص بها كي تنهي ما بدأته قبل سنوات.

ويحق لنا أن نسأل عن ملفات الجرائم الامريكية والاسرائيلية ولم تم السكوت عنها؟ فجرائم إسرائيل ليست هي حرب غزة ولكنها ممتدة منذ مذابح دير ياسين مرورا بصبرا وشاتيلا وقانا وحرب النكسة وحروب لبنان وحروب غزة ولازالت توسع من رقعة جرائمها فتضرب العراق وسوريا وقتما تريد.

اما امريكا التي قتلت الملايين بقنابلها الذرية في اليابان واستكملت طريق الهيمنة الدولية بالمزيد من الحروب التي قتلت وشردت الاف الابرياء في فيتنام و اليمن والعراق وأفغانستان .وليست فضيحة سجن أبو غريب ببعيدة ولازال سجن جوانتانامو شاهدا على منطق البلطجة الأمريكية الذي جعلها تقيم سجنا تضع فيه من تريد دون محاكمات أو إدانات والغير خاضع لأية قوانين . ولم تتوقف عن اثارة الفتن بين الدول لبيع اسلحتها الفتاكة من اجل المزيد من القتل والتدمير . ومن المدهش حقا أن يتشابه السلوك الاجرامي لدولتين بهذا الشكل وان يسلك كلاهما نفس الطريق من اجل المزيد من الدمار والدماء . والأسوأ من وجود الأثنين هو السكوت والاستسلام لمؤامراتهم والتنازل عن حقوقنا في عالم لا تحكمه سوى قوانين الغابة.

د. رضوى عبد اللطيف