يستعمل بعض الكتاب عبارة ((صيد المشاعر)) للدلالة على الخطاب الادبي الفعال والجيد الذي يتمكن من خلاله الأديب او الشاعر من شد وجذب وكسب مشاعر الناس واستثارة عواطفهم ، لكنني لا أفضل استعمال هذه العبارة لأنني احس أن فيها مفهومًا سلبيًا يكمن في لفظ (صيد)!! ، فالصياد يصطاد الطيور او الاسماك أو حتى الغزلان إما ليجعل منها وجبة طعام تستقر في بطنه أو ليبيعها في السوق ويستقر ثمنها في جيبه أو ليضعها في قفص ليتسلى بمنظرها بينما هي تتعذب وتتألم من حيث لا يشعر ولا يدري بسبب القفص والعبودية وحرمانها من الحرية في حياتها الطبيعية بالبرية كما خلقها الله!، لهذا استخدام عبارة صيد في مجال المشاعر تشعرني بالنفور في مجال استقطاب مشاعر الناس وكسب مودتهم والتأثير في قلوبهم أو حتى في عقولهم!، ربما أكون مخطئًا او ان هناك جانب في هذا التعبير اللغوي غاب عني وعجز عقلي عن ادراكه ولكنني بكل تأكيد لم أتقبل نفسيًا و ذوقيًا عبارة (صيد المشاعر) أو (اصطياد القلوب!)(*) اذ أن هذا العبارة تضج وتعج في حسي بمعاني تتعلق بالتملك والاستحواذ بل ربما بالتجارة والاقتصاد فضلًا عن ما يرتبط بالصيد من المكر والدهاء ونصب الفخاخ!، بينما عالم الحب النقي والمشاعر الانسانية النبيلة يُفترض أن يكون بعيدًا عن منطق السوق وميدان البيع والشراء،  فمشاعرنا وقلوبنا ليست سلعة لتكون موضوعًا ومشروعًا للصيد والتملك والاقتناء والبيع والتداول والشراء مع أنه في الحياة الواقعية وفي بعض علاقات الغرام التي جوهرها الحقيقي (الجنس) أو حب التملك والاستحواذ لا (الأنس) والتناغم الروحي بين روحين وقلبين متعطشين للحب والوصال تقع بالفعل امورٌ تشبه الصيد والبيع والشراء والتغرير والغش والدعاية التجارية المخادعة في ميدان السوق الخفية السوداء حيث تصبح المشاعر بل وحتى الضمائر قابلة للاصطياد والبيع والشراء في ميدان الاقتصاد بمفهومه الواسع حيث يسعى الغول الاقتصادي التجاري استعمال كل شيء في الحياة بما فيها الدين والوطنية والقومية ومشاعرنا الانسانية وحبنا للجمال كسلعة او كدعاية تجارية تنمي رأس المال وتزيد كمية الممتلكات والنفوذ! ، لهذا انفر من استعمال عبارة (صيد القلوب) و(صيد المشاعر) تماما كنفوري من منظر عصفور في قفص! ، فبينما تظل عين غيري مركزة على منظر ذلك العصفور الجميل وريشه الملون البهيج وصوته الشدي الرنان يظل عقلي وقلبي معلقان بقضبان القفص من ناحية في حيرة والم ، ومن ناحية معلقان بجناحي العصفور !، وفي ضميري يتردد هذا السؤال الاستنكاري : هل خلق الله العصفور بجناحين ليقضي حياته اسيرًا في قفص ضيق!!؟ لماذا حكموا عليه بالمؤبد ظلمًا ولم يرتكب جُرمًا!؟ أليس حبسه في قفص تحت مسمى وذريعة (طيور الزينة) يعكس مدى انانية الانسان وظلمه ومدى طغيان غريزة حب التملك والاستحواذ !؟؟، ماذا لو جاء يوم ونضبت فيه مصادر الطاقة وصار بعض البشر يحبس بعضهم الآخر في صناديق زجاجية بغرض الحصول على شحنات كهربائية من كهرباء الاعصاب التي تجري في جهازه العصبي في جسم الإنسان بدعوى توفير الشحن لهواتفهم الذكية!!؟ كيف يكون الحال!؟!، لهذا اجدني بصدق ارى عشرة عصافير على الشجرة او تطير حرة في اجواء السماء خير عندي من عصفور واحد في اليد أو خلف قضبان قفص ولو كان هذا القفص مصنوعًا من الذهب وبحجم غرفة ومرصعًا بالمجوهرات!.

سليم الرقعي

(*) بعكس عبارة ((صيد المشاعر)) أو ((صيد القلوب)) قد أتقبل عبارة ((صيد الخواطر)) فيمكن لأنها تتعلق باصطياد افكار رشيدة ومفيدة وخواطر جميلة تلوح في الذهن ثم تختفي فاذا لم تلتقفها بسرعة وتحولها الى مشروع فكري او ادبي أو حتى تجاري او خيري فقد تضيع منك.