مريض بحكة في الجلد ، يواظب على استخدام المرهم الموضعي رغبةً في التخلص منه ، لكنه رغم إصابته بالسرطان ، فلم يأخذ أي جرعة من العلاج الكيماوي رغم تأكيد الأطباء.
- نركن المثال ده شوية -
في التسعينات وبداية الألفينات كانت الموضة دائماً وأبداً الحديث عن عبدة الشيطان ، وإزاي هيقدروا يغيروا مستقبل الشباب ويخلوه شباب فاسد منحل فاسق؟
رغم إني كطفل لما كنت بسأل أي حد أعرفه أيوه يعني احنا عندنا كام واحد بيعبدوا الشيطان في مصر؟
كانت الإجابات تتراوح ما بين ما أعرفش ، مش كتير ، بلا بلا بلا .. إلخ.
بعد كده الفترة اللي فاتت انتشرت موجة عجيبة جداً عن مقاومة الإلحاد في مصر ، وقضايا ازدراء الأديان ، في مرحلة كان الموضوع لا يبدو منتشراً بشكل فج.
بل بالعكس الموضوع بقى مثار جدل وله وضعية أكبر ، وأي حد بيتكلم عنه في ظرف كام يوم بيبقى Public Figure ، والناس بتسمع له.
اعتقد ده نفس اللي حصل برضه في قضية الحجاب ، واللي نسب كتير زادت في خلعه بعد طرح الموضوع على الساحة.
وفجأة ده برضه اللي حصل مع موضوع علم الـ Rainbow اللي بقى مثار حديث وإزاي؟ وبهت الذي كفر؟ وحررررعية إيه ؟ - اه بالعين مع الزعقة - ده انت حر ما لم تضر؟ وحاجة زي دي تضرني ؟ وبلا بلا بلا
- هننحي بقى إشكاليات الحرية ، والحرية الشخصية والقيود عليها ، والهوية والبلا بلا بلا ، وهننحي برضه مفاهيم الدين ، وعقوباته ومدى وجود ظاهرة زي دي من عدمه في التاريخ الإسلامي ، وإزاي ظهرت واتواجهت إزاي؟ -
وهننتقل لحتة تانية لحد النهارده أنا بجد ارتباك في فهمها ، وهي سبب طرح المثال في أول الكلام وهي الناس إزاي فعلاً بتختار أولوياتها في الحديث عن موضوعٍ ما؟
كمجتمع عندك بلاوي متلتلة ما بتنتهيش ، مش هتطرق لمشاكل زي الفقر والجهل والغلاء والمرض ، لا خلينا في نفس التصنيف لإنه بيجر قراء ومستمعين بشكل كويس وبيعلّي الترافيك الصراحة.
الفترة اللي فاتت شهدت أكبر نسب لحوادث الخطف والاغتصاب ، واغتصاب الأطفال - اللي قضايا كتير كانت بتنتهي بعدم الإبلاغ - في الاغتصاب بنوعيه السابق ذكرهما - وحتى الطفل / البنت ما بيتابعوش مع دكتور عشان الآثار الجسمانية أو النفسية ، والواحد كان بيترجى الأهالي حرفياً يقولوا لأ عشان الفضيحة - مع العلم إن دي ظاهرة أشنع وأشد سواء كفعل إجرامي أو طريقة ، مشكلة ابتزاز البنت من قبل الدكتور ، اللي محدش عارف يلاقيها وده شيء متوقع جداً لإنها حتى لو عندها رغبة في المقاومة فما عندهاش استعداد تصلب نفسها قصاد مجتمع مش هيوصفها غير بأشنع وأقذر الألفاظ ، وكتير من التجارب تشهد ، غير مشاكل متجذرة زي التحرش ، ونمو فشل العلاقات الأسرية بشكل مريع - اللي محاكم الأسرة ومحاضر الشرطة بين الأزواج كفيلة بإظهار ذلك يعني -.
واللي ما سبق ذكرهم بالأرقام تعد بلاوي متلتلة احنا مش عارفين ننفذ لها حلول ، وفجأة واحد سهران في حفلة رفع علم بقى مثار حديث الساعة؟
رغم إنه لا علمه ولا هو ولا الحفلة أصلاً تساوي ذرة من المشاكل اللي عندنا.
فحقيقي إزاي الناس بتختار أولوياتها في الحديث؟
بحيث على مدار أكتر من 48 ساعة مفيش إلا الموضوع ده ؟
واللي واثق بعد الدنيا ما تهدى هينتشر ترند بص العصفورة ، وأصل الموضوع ده انتشر عشان يداري على كذا وكذا وكذا. - ما احنا خلاص بقينا خبرة -
النقطة الأكثر غرابة هي إزاي نفس انتقاء المواضيع مع نفس طرق المعالجة ونفس النتيجة ، والناس ما اتعلمتش؟
المجتمع اللي بتتكلم عنه للأسف مفاهيمياً هش بشكل غير مسبوق - أصل ده التفسير الوحيد إن لما أي موضوع بيتم طرحه كفيل يهزه - ، وطريقة الحوار والاندفاع والكلام بالكيبورد ومن ورا اللاب ، ومن التليفزيون ثبت فشلها بشكل غير طبيعي ، بل كل مرة بتيجي بنتايج عكسية.
وده اللي يخليك تطرح سؤال " هل انتَ لما بتيجي تتكلم في موضوع ما بتكون شايف إن عندك ما يكفي من العلم عشان تحلل مشكلة ما؟ ، هل انت لما بتيجي تناقش مشكلة بيكون عندك حلول معينة أو أرضية مفاهيمية صلبة ومشتركة بينك وبين اللي بتخاطبه؟ ، ولا مجرد عنفوان ورغبة إنك تكتب كلمتين تمضي بيهم وتمشي عشان الترند واللايكس ما تفوتكش؟ محتاج تسأل نفسك هل لو أنا ما كتبتش الكلمتين دول الوضع سيزداد تفاقماً؟ طب هل لو أنا كتبت الجملتين دول الوضع هيتحسن؟ "
من أشهر الجمل الكليشيه في السنيما والروايات "أحاول أن أكون جزءًا من الحل ، لا من المشكلة" ، وفي المقابل من أشهر الجمل اللي تستحق تتواجد بشدة كجملة افتتاحية لأي Trend كل الناس بتحكي فيه ، "أحاول أن أقول ما هو ضروري ، لا ما هو جزء من الترند واللايكس والشير"