Image title
فهد الزمام الموسى


جعل الرهبة والرغبة في الدنيا لكي تبقى امتحانات الرغبة والرهبة سنة الله الجارية في خلقه ، ولو مع أوليلئه وأهل طاعته ،فلا يبقى حي إلا وهو مفتون مبتلى ،فلكل دعوة برهان ،ولكل قول حقيقة :يقول الله تعالى :(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لايفتنون ) سورة العنكبوت ٢ .

ويأبى الله إلا أن يبتلي المحبين في صدق محبتهم ،والمتقين في قوة أيمانهم قال الله تعالى :(ولنبلونكم حتى نعلم المجهدين منكم والصبرين ونبلوا أخباركم ) سورة محمد ايه ٣١ .

فهذا يريد الدنيا،وذاك يريد الآخرة قال تعالى :(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الأخرة) سورة ال عمران ١٥٢ .

وهذا يؤثر رضى الله وذاك رضى الناس ،قال صلى الله عليه وسلم :(من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وارضى الناس ،ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط الناس ) رواه البخاري .

فلا تخلو الحياة من مواقف وخيارات تحمص الحقائق وتسبر البواطن ،لينال بها صاحبها نقاط التميز ،ووسام شرف الحياة الحقيقة الممتدة إلى جنات ونهر ورضوان من الله أكبر .

وحين يمتحن الإنسان تنكشف له حقائق نفسه من خلال المواقف،فهب أن انسان الف كتابا في الأمانة ، فلن يكون أميننا حتى يتعرض لموقف يطالب فيه بأداء الأمانة ،فإن أدى الأمانة فهو حينئذ المؤمن المؤتمن .

ويجدر بنا أن نقف معتبرين بحال أهل الكتاب الذين طوعوا الدين وفق أهوائهم ،وآثروا الدنيا على الآخرة ،فذكرهم الله تعالى بيمثاق خاص أخذه عليهم في التوراة،وهو أن اليهودي لايقتل يهوديا ولايخرجه من داره بغيا وعدوانا عليه،وإذا وقع في الأسر وجب فكاكه بكل وسيلة ،ولا يجوز تركه أسيرا بحال،أخذ عليهم بهذا ميثاقا غليظا وأقروا به وشهدوا عليه،ثم وبخهم على عدم وفائهم بما التزموا به،حيث صار اليهودي يقتل اليهودي ويخرجه من داره بغيا وعدوانا عليه وفي نفسىالوقت إن أتاهم يهودي أسيرا فدوه،فندد الله تعالى بصينعهم هذا الذي هو إهمال واجب وقيام بآخر تبعا لأهوائهم،فكانوا كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض،ومن هنا توعدهم بخزي الدنيا وعذاب الآخرة . واخبر انهم بصنعيهم ذلك اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ،فكان جزاؤهم عذاب الآخرة حيث لايخفف عنهم ولاينصرون فيه بدفعه عنهم ). ايسر التفاسير لكلام العلي الكبير ،ابو بكر الجزائري ص:٤٧ .

فمن باب الرهبة :الخوف من عاقبة الاستجابة في باب الإنفاق ،فيخشى الفقر ويأمل الغنى.

ومن باب الرغبة:فمنها فتنة الأموال وأنواع المكاسب المادية ،فقد يمر على الإنسان عروض الربح الميسر،والاستثمار المضاعف ،من طرق محرمة أو أوجه مشبوهة ،فمايمنع المؤمن إلا إيكانه بالتثبت حيالها والاستجابة لأمر الله فيها ،في قوله تعالى (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا مابقي من البوا إن كنت مؤمنين )) سورة البقرة :٢٧٨ .

وسبب أخير نختم به هذه الطرق القومية ،ينبغي العناية به وعدم إغفاله :وهو أن الأمور السابقة جيمعها تتطلب مجاهدة للنفس،وتوطينها على الاستجابة ،وذلك لا يأتي دفعة واحدة كما أنه لايقف عند حد،فكما أن النفوس اعتادت على المعصية شيئا فشيئا فلنعودها على الطاعات شيئا فشيئا،قال تعالى((يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة)) سورة المائدة ٣٥ .

هذا وصلى الله على نبينا محمد . ....