لا أظن أن الشخصية المعقّدة والمريضة قادرةٌ على إحداث تغيير أو تطوّر أو إنجاز في شتّى المجالات ، لأنها شخصيةٌ مخيّبةٌ للآمال تلهث وراء أهوائها ومصالحها ليل نهار وتضرب بعرض الحائط بقية الاشياء والجزئيات معتمدةً على أسلوب المكر والمرواغة وهو أسلوب سرعان ما ينكشف للجميع وسرعان ما ينفضّ الجميع من حول هذه الشخصية، وحدهم المنتفعون الذين يجيدون استغلال هذه النفسية بالشكل الملائم والوقت المناسب ، وأعتقد أن المنجز هو المقياس الحقيقي لأي عمل ما ،مع عدم إغفال وهضم حقوق الآخرين ، فإذا غابت المنجزات ففتّش عن القائمين على المكان ، حتى لو كانت الإمكانيات شحيحة ، فإن الابتكار والابداع لا ينضب ، إذن فهي مشكلة عقليات تواصل دفن نفسها وصولاً إلى الاندثار التام.
وتواصل هذه الشخصية مكابرتها المستفزة ، وعنادها الحاد وقتل كل بارقة أمل والاستمرار في غياهيب المجهول ، ظنّاً منها أن إحكام السيطرة يتم عبر قتل الطموح المبكر ، وكأن الحياة تقف عند هذا الحد ، لذلك نلمح العزوف والابتعاد عند شريحةٍ من المبدعين ، ويتحفّظ آخرون على المشاركة في أي عملٍ مشترك كي لا يصطدموا بضحالةٍ فكرية بشعة ، وكي لا يضيّعوا وقتهم في العمل مع شخصيةٍ انتهازية تسجّل الانجازات باسمها وتتجاهل الذين أخلصوا بجهد يشكرون عليه.
الاستخفاف بالآخر والتشكيك الدائم به دليل قاطع ، أن هذه الشخصية لا تحارب الناجح فحسب بل تسعى لإيقافه بشتى الوسائل المتاحة ، وطالما أنه لا يشكّل خطراً عليها فلا بأس من الرياء والمودة الزائفة ، أما إذا أحسّت أنه يشكل تهديداً حقيقياً فستشن عليه حرباً طاحنة مفتعلة لسببٍ وهمي ، هذا دأب الشخصيات المريضة التي قضت أغلب حياتها في معارك غير مفهومة وغير مبرّرة لتفقد رصيد مصداقيتها بالتدريج ، فالشخصية المنفّرة تنال الجزاء العادل في النهايات حينما تنطفئ عنها الأضواء وتعيش في عزلةٍ دائمة ، وتتفرّغ بعدها لنقد وهجاء الآخرين متناسيةً الكوارث والنكبات التي قامت بها في زمنها ، وأخيراً ستسمع منها بطولات وهمية و مسحةً نرجسية بشعة في نهاية المطاف لتغلق ملفها في ذمة التاريخ .