ماذا لو طرح علينا ما نخشاه من أسئلة تتعلق بواقعنا اليوم ؟
ماذا لو سألنا… أمازلت شعبة من الإيمان ؟ ما حال أسواقكم و شوارعكم و لباسكم ؟
أتراكم من رموز السترة و الحشمة و الوقار؟ أم وجب عليكم اليوم أن تحذوا حذو من طفقا يخصفان عليهما من ورق آو قماش أو ما يستر ما وجب ستره ؟
في الواقع لا ادري لو وجه كلامه لي إن كنت سأجد الإجابة ، و أنا احلق رأسي كالراقص الأمريكي و البس لباس مغنية الإغواء ، وأتلفظ بكلمات تخدش الحياء باسم الحداثة ، و أمشي مختالا بين الناس بملابسي الممزقة باسم الموضة ، برفقة العارية مكشوفة الساقين و المفاتن باسم الصداقة ، و تحت الألحان الصاخبة المنبعثة من سيارتي والحاملة لعبارات الوقاحة و البذاءة و الإباحية باسم الفن و الثقافة.
فادا ملكت الشجاعة للإجابة، فاستجمع قواك العقلية و معارفك التاريخية، و تناسى أمر هيئتك الخارجية و حال شوارع مدينتك، و حدثه عن حياء أم الطاهرة التي نذرت ما في بطنها محررا، و التي تقبلها ربها بقبول حسن و بارك في نسلها .
حدثه عن حياء آم آية الرحمان من انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، و كيف انزل حيائها بها ما حارت له الألباب و الأزمان ، بخير الشتاء في عز حر الهواجر و الصحاري الفلاة .
حدثه عن حياء زوجة من بردت له النار، و عطش من دعاه الخليل لتثبيت عتبة البيت، فانزل القهار أمين وحيه فانفجرت العين لتشرب الأجيال لدهور.
حدثه عن التي خانت حيائها، فسوي الروح الأمين قرية قومها بالأرض، فلم ينفعها الولاء و لا رسم اليوم العصيب.
حدثه عن حياء من تربى في حجرها من شق له المولى القدير البحر بضربة يد بشر، فكان قرة عين لمن اختارت الجار قبل الدار.
عرج به أيضا على قصة من جاءت تمشي على استحياء بعد عجزها عن السقاية و أبوها شيخ كبير .
اخبره أيضا عن التي كشفت عن ساقيها بعدما حسبت القصر لجة، بعدما غطاها حيائها فهدت قوها للصلح وتوحيد رب العباد و اختم الحديث بمن شقت النطاق جزء منه لنقل الطعام و الأخر للحياء.
و قل له أيضا أن الوقت لا يسمح لسرد كل القصص و كشف تجلياتها أينما وليت وجهك في كتب التاريخ أيام كان الحياء العملة المتداولة، و مصدرا للتشريع و حدا لا يزيغ عنه إلا هالك. فلا تكاد تجد تفسيرا لما آل إليه واقع الحياء اليوم ، فكيف ستجيبه و أنت أمام واجهات المحلات ، و هي تروج لكل ما ينزعه من القلوب ، انطلاقا من الدمى العارية وصولا لملابس الفتنة و هدم صورة المرأة المحترمة بصورة ممنهجة ، كيف ستجيبه و المجتمع يرفع العراة ممزقي الملابس لرتبة المتحضرين ، و يساوي الكاسيات العاريات الجاهلات بالنوابغ و النخبة ، و هل ستجد تفسيرا للمكانة المرموقة لهواة البذاءة و التحرش و المهازل و هم يقودون المجتمع للتطور و الرقي.
فتراك لن تنبس ببنت شفة ، و ستصوم حتما عن الشرح و التبرير و ستقف جاثما في مكانك كاتما أنفاسك متمنيا لو كان اللقاء قبل قرون خلت آو على الأقل سنوات قليلة قبل الانفتاح الوحشي على العالم الخارجي ، و انطلاق مسيرة الركض خلف الضب ، فالأولى لك أن تسكت و تتركه ليكتب التقرير لوحده و اختل بنفسك و اذرف الدمع و قرر تغيير ما بالنفس حتى يغير المولى ما بالقوم .....و لا تنس أن تبلغه سلام كل من لا يزال يحن لزمن الحياء .
محمد بن سنوسي