سمعت أم طفلٍ في السادسة تقول:
أنا لم أحدث ولدي عن الدّين ولم أخبره إلا بمعلومتين: بأن الله هو خالقنا ومحمد رسولنا، لأني أراه صغيرًا.
لمستُ خلفَ كلماتها خوفًا من التطرف!
أما أنا فأختلف في الرأي عنها.. أعتقد أن هذه الطفولة الخصبة تحفزني كل يوم أن أضع فيها بذرة.
لاحظتُ أنّ علاقة الطفل بربه تبدأ منذ السنة الثانية - ليس كلامًا علميًا ولكن تجربة أم -
الربوبية في القلب الصغير
الربوبية هي أجمل ما تحدثت به مع طفلي..
ممتعة جدًا اللحظات التي أجلس فيها معه وبلطف بالغ أغرس معاني الإيمان
⁃هذا الطعامُ الشهيّ الذي بين يديك، هل تعرف من أرسله لك؟ الله الكريم
⁃اللعبة التي ضاعت ونفتقدها.. هيا نسأل الله أن يدلنا على مكانها.
⁃المرض الذي أصابنا.. هيا ندعو الله الشافي أن يشفينا.. هل رأيت كيف سمح الله للدواء أن يجعلك تتحسن؟ شكرًا لك يا الله!
⁃نعود للبيت بعد نهار خارجه.. يا سلام ماأحلى هذه النعمة من الله لنا! أعطانا بيتا رائعاً! شكرا يا الله!
أحاديثٌ مثل هذه نسقي بها بذرة الإيمان فتتحرك
"الربوبية"
ولو سقينا غرسة" الربوبية " بشكل صحيح نكون جاهزين للبدء في جني " الألوهية "
الألوهية الثمرة الحلوة
الألوهية هي الفكرة الأهم التي جاء الإسلام لأجلها، وهي الجهد الذي نوجهه ليصبح القلب بكليّته مسلمّا. كيف أستخرج الألوهية من طفل صغير؟
⁃لو أصاب الأم حزنٌ أو هَمٌّ وأحس به طفلها..
يراها تصلّي وتدعو بعد الصلاة وتقول لطفلها أنا كلمتُ الله وأخبرتُه بمشكلتي وطلبتُ منه أن يساعدني..
تُكرّر الحركة لاحقًا..
حين يحزن الطفل لسبب تترك ما في يديها وتصلي نافلة وتدعو الله لطفلها.. ثم تسأله بعدها: هل شعرت أن حزنك ذهب؟ الله تعالى هو الذي أذهبه وأسعدك..
تبدأ الأم ..
⁃أذّن الظهر؟ سأسرع للصلاة لأن الله نادانا للصلاة وأحب أن يراني وأنا أطيعه.
⁃أحب أن أقرأ القرآن، هل تعرف لم؟ لأنه رسالة الله إلينا، فيه وصايا لنا وأنا أحب أن أعرفها. ( عندما تداوم الأم أمام أطفالها على القرآن وتقرأه بتأن وخشوع وسعادة فهذا أقصر طريق لتحبيب القرآن لهم)
⁃يحدث موقف يحتاج إلى صبرٍ من الطفل فتقول له قرأت في القرآن{فصبرٌ جميل}.
⁃نمر بفقير يسألنا فنعطيه بدون أن نسيء له، وتقول الأم ربنا قال في القرآن {وأما السائل فلا تنهر}
⁃نزور الجد والجدة ونأخد لهم طبق أو هدية ونخبر الطفل أن القرآن هو الذي أمرنا..
⁃يخرب الطفل متعمدًا شيئا في البيت، فتقول له الأم {والله لا يحب الفساد }
تجربة رائعة عندما ترى الأم تأثر الطفلِ الفوري بآية قرآنية قصيرة وكيف تحوّل بعدها عن السلوك الخاطئ أو اندفع للحسن، وكم هو مدهش كيف كانت الأم تنفق وقتًا وجهدًا في ردع الطفل وكيف أصبحت المهمة سهلة وعميقة عندما تنطق لطفلها بثلاث كلمات فقط { والله لا يحب الفساد} ثم تجده يستجيب! فينطبع عند الطفل أن القرآن هو مصدر الأخلاق الجميلة.
لو تجاهلنا لساعات جوع الطفل ونعاسه فإنه سيعبر فورًا.. أما لو تجاهلنا سقيه بالإيمان فإن التعبير قد لا يظهر سريعًا ونتحمل نحن هذا التقصير.
الطفولة أرض خصبةٌ متعة الغرس فيها تفوق أي متعة والربح فيها مضمون والأثر باق ممتد أعمق مما نتصور.