إرحل و مر بين الحرتين، و قف على جبل بالطائف و تأمل الأندلس و ارض الحجاز و هي تلقن الإفرنج مبادئ الأخلاق و قوانين الجبر.
إسأل عمورية عن المعتصم ، و قل لها ما بال اليهودي جر على قومه جيشا لا نهاية له لأنه أساء الأدب مع الحرة ، زر مخابر بن سينا و أقسام ابن رشد و ثكنات ابن الوليد و تمتع بالروم يوم فرارهم جماعات و فرادى يوم اليرموك ، و إن بحثت عن الحقيقة عد بنفسك و أهلك و عشيرتك لقصة العرب أيام الجهل و اقرأ بين السطور في كرم الطائي ، و بسالة عنتره ، و فصاحة قيس و ذود الرجال عن العرض و الأهل و الأرض.
ما بال الأقصى لم تعد قبلة ، فدنستها أقدام من طردوا من خيبر و مسخوا قردة و خنازير و أصبحوا اليوم قادة و سادة.
ما بال قوم تناسوا تاريخهم و تخلوا عن مبادئهم و باعوا شرفهم و ممتلكاتهم و فقدوا القدرة على التفوه بكلمة حق بغرفة خالية و أمام الفراغ ، ربما خوفا من وصول صدى الحق لأولي النعمة و أساتذة العمالة.
اهو الخوف من كبيرهم الذي علمهم السحر ، آم حفاظا على مكاسب فردية و امتيازات دنيوية ، آم هو في الواقع مسخ و فضح على الملأ لأمة زاغت عن الحق و حكام تولوا يوم الزحف ،آم أنها خيانة لتاريخ كتب الرجال بداياته بوحي من رب السماء ، و حافظ على نصاعته نجوم بأيهم اقتدينا اهتدينا ، ثم ورث الرسالة اسود زأرت من الحجاز فهمد من في الأرض جميعا.
يوم دخل الفاروق القدس كان يلبس ربما عباءة من وبر جمل ولد و تربى و سلم جلده بالمدينة ، و كان يحمل سيفا صنعه مبدعوا حدادي المدينة ، و ركب راحلة تلقت مبادئ الحرب بأرض عربية و نشأت على كلأ عربي و تحت نسائم إسلامية، فما بال القوم اليوم يتباكون على ملك ضاع و يغردون خارج سرب تربى بوحي من رب السماء و يهيمون في كل واد مع صدور جديد الألبومات و صيحات الموضة و تسريحات الشعر و التودد و رفع التظلم لمجلس الأمن لينصفهم ، و هو الذي يتبجح بالجرم في قنواتنا و على المباشر ، و يطرقون أبواب صندوق النقد الدولي و هم يتبرعون له و يهدون الأموال لصناعة مدافع و قنابل تهدم أبنائنا على رؤوسنا.
قبل الفجر أفق من سباتك ، و صل ركعتين داعيا المولى عز و جل أن يوكل للأمة أمر رشد يعز فيه العزيز و يدل و يخزى الخائن البائس ، لذلك فإذا كان مثقفوهم قدوتنا و نجوم نقتدي بها فلنأخذ بواحدة من نظرياتهم أن نفس الأسباب تؤدي لنفس النتائج ، و بالتالي فلا يصلح أخر هده الأمة إلا بما صلح عليه أولها....أليس هذا قانون الحتمية ؟
محمد بن سنوسي