معظمنا سمع عن الطاقة البشرية ومدي أهميتها في توفير القوة اللازمة للبشر التي تمكنهم من التعايش مع بعضهم والتعامل مع متطلبات الحياة اليومية.
في هذا المقال سنتحدث بشكل مبسط عن أهمية الطاقة الإيجابية ومدى فعاليتها في استخراج العزيمة المطلوبة لإتمام متطلبات الحياة اليومية، وتسليط الضوء على نواحي الطاقة السلبية والضرر المريع الذي قد ينتج عنها في حال عدم التعامل معها بالشكل الصحيح.
من فترة رأيت شخصان يتعاركان بجانب الطريق وكان كل منهما عازم على إلحاق الأذى بالأخر من دون وعي وبشكل مخيف، لم يستمر العراك طويلا حتى تدخل مجموعة من الحاضرين ليفضوا النزاع وتمكنوا من إنهاء المشهد الغير حضاري، وفي فترة وجيزة وصلت دوريات الشرطة لتتعامل مع الموقف واتذكر حينها عندما قال أحد أفراد الشرطة للخصمان وبصوت عالي " ماذا لو قتل احدكم الأخر؟ " لم يستطيع أحدا منهم الجواب! واكاد ان اجزم بأنهم حسو بقيمة هذا السؤال المصيري متسائلين فيما بينهم "ماذا لو كانت النتيجة هي موت أحدنا بالفعل جراء ضربة عنيفة في مكان خطير مثل الرأس أو العنق!
لفهم ما حدث علينا ان ندرك بان الطاقة البشرية هي منبع القدرة في التعايش مع الآخرين والتي بدورها تساعد في بناء مجتمع تكافلي يساهم في توفير الظروف الممكنة لكسب المهارات الحياتية التي تجسد في جوهرها الصورة النمطية لمجتمع متوازن قادر على تخطي عقبات الحياة اليومية بشكل صحي وحضاري.
الطاقة البشرية هي المحرك الأساسي لكل إنسان وتعمل على توفير ما نحتاجه من قوة ذهنية وجسدية او حتى عاطفية لتخطي التحديات اليومية التي نمر بها كبشر.
الطاقة في صورتها النمطية تكتسب من خارج الجسم وتتجانس بشكل كلي مع الإنسان، لكي تتحول إلي ما نحتاجه من أدوات تساهم في تخطي التحديات والوصول الي الأهداف المرجو تحقيقها، او تتحول الى عنف غير مبرر يسهم في تدمير الذات وإلحاق الأذى بالآخرين.
عندما نتحدث عن الطاقة السلبية نستطيع القول بأن الضغوط النفسية الناجمة عن الالتزامات الحياتية في معظمها تشكل هاجس ذهني يستهلك جزء كبير من قدرتنا على التعاطي مع متطلبات الحياة اليومية ويترك الكثير من الفراغ الذي يسهل ملؤه بالطاقة السلبية والتي تتحول في مضمونها إلى عنف مباشر أو غير مباشر.
في معظم الأحوال يكون العنف ناتج عن المواجهة المستمرة مع الذات بحيث انه يصل بالشخص إلى الدخول في دوامة مستمرة من تأنيب الضمير تنحدر به إلى مستوى خطير من الحزن والغضب في محاولة إدراك الأسباب الأولية التي دفعته إلى الخوض في هذه التجربة الغير مجزية أما على الصعيد النفسي أو المادي.
الحيلة تكمن في التحفيز الإيجابي المستمر والعمل على احتواء المشاعر السلبية وإعادة تدويرها إلى دروع تفاؤليه ليتمكن الشخص المتضرر من المضي قدما بسعادة واستقرار، وتوسيع مدارك النضج التي توفر ردات فعل متوازنة وعقلانية أمام كل ما هو سلبي.
جزء كبير من الحل يكمن أيضا في التنظيم وهو سلاح العباقرة، التنظيم يعد أهم عوامل النجاح وهو أيضا أحد عناصر التعامل مع الأزمات، ففي كل الأحوال يحتاج الفرد منا إلى تنظيم وقته وجهده لكي يحظى بحياة كريمة خالية من الأمراض المزمنة والتي تستهلك مخزون السعادة لدي الإنسان.
السعادة هي المصدر الرئيسي للطاقة الإيجابية والتي تحفز الإنسان إلى قبول الواقع المتغير مع الظروف، والتعايش مع كل مفاصل الحياة الإيجابي منها والسلبي مساهما في إعطاء القدر الكافي من الثقة بالنفس لمواجهة أقوى الصعوبات والتحديات.
أهمية الطاقة الإيجابية تختزل في مضمونها الحيوي والذي يساهم في تخطي عقبات الحياة والارتقاء بالنفس إلى مستوى عالي من الاخلاق والتسامح، وإيجاد الجهد اللازم لإنجاز المهام اليومية والمعقد منها بشكل سليم ومن غير تقاعس، خصوصا مع تسارع وتيرة الأحداث اليومية كما نشهد في قنوات الاخبار من تصعيد في جهة وتهدئة في جهة أخرى.
وتعد الطاقة الإيجابية جدار مناعي حيوي يقاوم ذرات الاكتئاب، والتي تبدأ في بناء نفسها بشكل تدريجي ومن غير سابق انذار تري نفسك عاجز تماما عن النهوض من الفراش لكي تنجز حتى أبسط الاحتياجات اليومية.
هناك الكثير من الأمثلة عن الطاقة الإيجابية المكتسبة من المحيط المباشر لأي شخص مثل التحفيز والعطاء والتفاؤل وتنمية بعض المواهب والهوايات التي تغذي الإنسان بما يحتاجه من طاقة إيجابية كفيلة بإخراجه من أي واقع صعب.
قبل ان اختم اود ان اسلط الضوء عن فئة من البشر تهدر جزء كبير من طاقتها في إرضاء غيرها من الناس وهذا أمر سخيف في رأي، فمن الممكن استثمار هذه الطاقة المهدرة في اكتشاف الذات او مساعدة المحتاجين بدلا من تضييع الوقت والجهد وإرهاق النفس في كسب رضى الغير، فنصيحتي لهذه الفئة التوقف عن إرضاء الآخرين لأنها وبكل بساطة غاية لن تدرك، وبان السعادة الحقيقة تكمن في إرضاء الله تعالى.
علينا ان نعيد تقييم أولوياتنا من فترة لأخرى وهذه الخطوة تعد نوع من انواع إدارة الجودة الذاتية والمرجو منها هي تقييم المردود النفسي أما بالسعادة المتذبذبة أو الحزن المستمر، والبحث بشكل دائم عن الطريق الأسهل والأفضل لعيش حياة كريمة خالية ولو بنسبة بسيطة من الطاقة السلبية، والتي تجنبا في كثير من الأوقات الخوض في نزاع فارغ مع آخرين على جانب الطريق .
كاتب المقال: مهندس / محمد سالم منصور علي
المملكة العربية السعودية – الرياض