ليبيا ذات قوة جذب .. مأساة حقيقية بسبب الخلافات الفرنسية الايطالية
نستطيع القول بأن إيطاليا لها خلفية تاريخية قديمة، فقد اشتغلت ايطاليا على الملف الليبي لكونها قوة جذب ايطالية، ونحن نشاهد ونسمع في ما سمى بالخلافات الفرنسية الايطالية، فهي ليس إلا توزيع الأدوار للاستفادة من فائض الموارد الطبيعية التي تملكها ليبيا.
تجاوز الخلافات الايطالية الفرنسية حول الملف الليبي لتكون ليبيا في الوسيط بين هذا وذاك على الخط الذي يحمله الرئيس الفرنسي إيمويل ماكرون بعناد وبعيدا على ما يتم حل القضية الليبية الى صالح احد الأطراف المتنازعة، المبادرة الدبلوماسية بين فرنسا وايطاليا.
الفضية الليبية والصراع الجيوسياسي مليئة بالتناقضات وربما جمع ( الثمار الاقتصادية) قد تخاطر فرنسا وايطاليا لترسيخ نفسها كوسيط في انتقال ليبيا من مرحلة عدم الاستقرار والفوضى الى المزيد من المتأزمات بعد سبع سنوات من سقوط معمر القذافي.
عادة ايطاليا على المشهد الليبي بثقل مرة أخرى باجتماع تنظمه روما بدا على غرار ما تم حوله في مؤتمر باريسي وبمشاركة دول 3+3 حول ليبيا الذي عقد في مقر وزارة الخارجية في العاصمة الايطالية روما التي تدفع بالدبلوماسية الفرنسية على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
الخطر التي تواجهه ليبيا يكمن في فراغ القوى السياسية الليبية الموحدة تجاه الملفات الليبية العالقة، التي من شأنها تعمل على ترسيخ مفهوم الدولة الليبية الموحدة، مما يجدون أنفسهم في دولة منقسمين الى قسمين، حيث تشارك العصابات الإجرامية في تجارة مربحة في تهريب البشر والاتجار بهم الى أوروبا ومن جهة أخرى السيطرة على أبار النفط الليبي.
فراغ القوى السياسية الليبية الموحدة ناتجة عن سيطرة القائد العام المشير خليقة حفتر على المنطقة الشرقية (برقة) دون أي عائق بل مؤيدا تأيدا كامل من المنطقة الشرقية ، بينما يناضل فايز السراج، رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المدعوم من الأمم المتحدة لقرض سلطته في العاصمة الليبية طرابلس.
وعلى طريقة ما حصل في مؤتمر باريسي، وجمع للمرة الأولى الفرقاء الليبيين الأربعة الأكثر تأثيرا على المشهد السياسي والعسكري، الذي يحاول فيه الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر تسجيل بصمة فرنسية على القضية الليبية لإنهاء الجمود بوضع خارطة طريق وتوحيد الانقسام السياسي في ليبيا.
لكن لا نسى أن لإيطاليا قوة الجذب بحكم قربها من السواحل الليبية ونفوذ تاريخية من ماضيها الاستعماري، إضافة الى معضلة الهجرة غير الشرعية التي تثقل على كاهلها الاقتصادي، لتسارع ايطاليا باستثمار مؤتمرا خريف هذا العام في روما.
ولكل نشاط سياسي قابل أن تعبر عنه الدول التي تخوض معاركها السياسية بمجموعة نتاجها بشكل يخدم مصالحها الوطنية، كما أن لليبيا أنشطتها في السياسة الخارجية، ومن أنواع الفنون توحيد صف الشأن الليبي.
تعول ليبيا الكثير على علاقاتها مع ايطاليا التاريخية خصوصا في ملف الهجرة الغير شرعية، الملف الذي يعمل على التقارب بين الدولتين الجارتين، ليس فقط المهاجرين، بل لتبلغ قيمة التبادل بينهم 4 مليارات مع سلسلة من المبادرات الدبلوماسية الأحادية الجانب.
أي مبادرة تجعلنا في ملائمة الحلول التي طرحتنا فرنسا في مؤتمر باريس والحلول التي من المتوقع أن تطرحا ايطاليا في مؤتمر دولي في هذا الخريف، ومن وجود الولايات المتحدة الأمريكية التي تعطي السلطات الايطالية دورا مشاركا مع الدور الفرنسي كقاعدة دبلوماسية لخروج ليبيا من الأزمة السياسية.
وأي سند تتحصل عليه ليبيا من الدولة الفاعلة في المنطقة سواء كانت من فرنسا أو ايطاليا تعمل على أحكام الصيغة الشرعية لدولة الليبية والتي تكفل من جعل ليبيا دولة أمنة مستقرة قابلة أن تضاف الى الرصيد الدولي.
ولكن خطة ماكرون، كانت الى حد كبير تستند الى قواعد غير متينة، فإنها تعاني من التوقف المفاجئ عند مؤتمر روما الدولي لعدم وجود الدستور الليبي على ارض الواقع، الذي يدوره يحمي جميع الفصائل الليبية المختلفة التي لها الأثر الكبير في الدولة الليبية.
عرض ماكرون بفخر وثيقة في 13 نقطة تم تصميمها، والذي يخطي بالتفاؤل عن مستقبل ليبيا ومن بين النقاط إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أخر هذا العام، لكن ايطاليا لا ترى من التعجل في خوض الانتخابات القادمة حتى تتفق تلك الفصائل الليبية المتنازعة على السلطة الليبية.
الدستور الليبي ( يزال قيد التنفيذ ) الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تأتي تبعا على استفاء للموافقة على الدستور الشرعي في الدولة الليبية ومن تشكيل الجيش الوطني الليبي بعد نزع سلاح أكثر من 100 ميليشيات مسلحة ليبية وهو عمل ما لم يخرج الى النور في السنوات السبع الماضية.
خبت أمل ايطاليا في وجود رئيس أمريكي دونالد ترامب الغير مهتم بشمال افريقيا، خصوصا ليبيا، فإن الرئيس ماكرون مصمم على توسيع النفوذ الفرنسي على ليبيا، لتمثل رواسب خليج سرت نوعية جيدة من الخام وإغلاق جغرافي التي يتعين استكشافها فرصة كبيرة لشركة الطاقة الأوربية.
لقد اشترت شركة توتال الفرنسية من ماراتون النفط الأمريكي 16% من حقل الواحة في برقة مقابل 450 مليون دولار، والاتفاقية لا تعتبر صالح من قبل حكومة طرابلس.
لقد تم التأكيد على ذالك في اجتماع الذي انعقد في طرابلس بين الرئيس التنفيذي لشركة إيني، كلاوديو ديسالتسي ، ورئيس الوزراء الليبي فائز السراج، حيث تم التركيز على الأنشطة الحالية لأني في ليبيا وعلى فرص الاستكشاف والاستمارات المستقبلية.
ملامحه أحيانا تحت مسميات وأقنعة مختلفة، لتعود وتظهر على ليبيا حين تشتد وطأة الأطماع الأجنبية على ليبيا في فراغ السياسي الموحد بين الشرق والغرب الليبي، مما تختنق ليبيا اقتصاديا جراء الصراعات السياسية تحت ثقل غياب الإطار الدستورية الليبي لإجراء الاستقرار السياسي في ليبيا.
لقاءات ومحادثات خارج الشرعية الدستورية ترمي الى عدم توصل الأطراف السياسية الى حلول جذرية مما تدعم الى المزيد من عدم الاستقرار وربط الأقاليم الليبية بعضها بعض في دولة دستورية موحدة .
وحتى بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه في باريس، لم تتخذ الفصائل الليبية الخطوات الملموسة الى الأمام ولم يبقى سوى أربعة أشهر على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مع بداية الإستراتيجية الدبلوماسية الايطالية التي أعدها جوزيبي كونتي رئيس وزراء ايطاليا.
يعتزم جوزيبي كونتي على تنظيم مؤتمر بشأن ليبيا في التعامل مع كل القضايا المتعلقة بالشعب الليبي ومناقشتها التي تشمل ذالك كل الأطراف المعنية الفرقاء في منطقة البحر المتوسط بأسرها.
إن مستقبل ليبيا رهينة على النقاط الأكثر أهمية في الاتفاق القادم في روما على الرغم من عدم توقع انتخابات برلمانية ورئاسية في ديسمبر المقبل الذي لم يتم الاستفتاء على الدستور الليبي الدائم من تنظيم قانون الانتخابات في ليبيا.
بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس
رجل أعمال – كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ليبي