رحيم الخالدي
يستعمل العرب الكي لإستطباب الجروح، وخاصة الطلق الناري في المناطق النائية والبعيدة عن المدن، وكان هذا العلاج نافعاً لدرجة معينة، لكن وفق أصوله، وليس كل طلق ناري يجب كيّه، بل هنالك جراحات تستوجب ذلك، لكن بعد فوات الاوان سيكون العلاج عبثياً، بل قد يسبب مضاعفات قد تودي لإلتهاب لا يمكن السيطرة عليه، مما يؤدي أمّا لقطع الجزء المصاب خاصة الاطراف، أو خيار الأمر المحتم الذي سيقضي على حياته، وهذا ما لايريده الشخص المعالج، وبالطبع أن مستعملي تلك الطريقة هم أناس أصحاب تجربة وخبرة، وليس كل من تعلم شيء بسيط يمكن أن يعالج .
التظاهرات الأخيرة التي خرجت أخيراً مطالبة بالحقوق، ومعالجة أخطاء الحكومات السابقة لثلاث دورات إنتخابية متتالية، التي أهدرت المال العام بأشكال شتى، وأحد أشكاله السرقات المالية التي تم تهريبها بطرق سرية، والبعض منها علني! وأحد المواقع نشر بالأسماء الأرصدة لكل الذين كانوا بالأمس يعيشون شظف العيش، اليوم أصبح من أصحاب المليارات التي تعادل ميزانيات دول الجوار! قد تولى الدكتور الراحل أحمد الجلبي عملية السعي لإرجاعها، لكن رحيله حال دون ذلك، وكل من يقف بوجه هؤلاء سيكون مصيره القتل، مما ولّد حالة من الفزع، وكأننا نعيش في غابة وليس دولة يحكمها القانون والدستور .
حالة تستوقف المتابع حول المتظاهرين! وتجعلهُ حائراً ويَكْفُر بكلّ القِيَمْ، خاصة النظام الديمقراطي، إذا كان هذا العدد الهائل لم يذهبوا للإنتخابات، فهذه مسألة إعتيادية، كونهم ملّوا من الوعود وخرجوا لإزدياد الظلم، وإذا كان ممن ذهبوا لصناديق الإقتراع وقد إنتخبوا الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا محل ثقة، ويشار لهم بالبنان من حيث المحصل العلمي والإمكانية في إتخاذ القرار لا بأس، إذاً من إنتخب الذين كانوا سبب خراب العراق وأدى بنا الى هذه النتائج؟ التي لا يمكن قبولها، وتصدر نفس شخوص الفساد المشهد، وبقاء حزب الدعوة متربع على مركز القرار! وبإمكانه تسقيط من يشاء، وفبركة التهم والفساد له مع تصديق سذج القوم بالكذب الملفق، بواسطة الجيوش الالكترونية، وهذا يقودنا لنتيجة واحدة، أمّا الناخب فاسد ومشارك بالفساد حاله حال الذي إنتخبه، أو التزوير الذي أوجدوا له طرق خبيثة وقد نجحوا فيه .
النتائج كانت غير مرضية سواء الأولية منها والنهائية، بعد الإعتراض الكبير الذي شاب العملية، وحزب الدعوة بكل أجنحته التي توسعت بعد نيلهم رئاسة الحكومة، منذ أول دورة برلمانية ولحد الآن لم ينل ما كان يصبوا اليه، وطريقة الإنشطار الجديدة عملية مكشوفة بغرض حصد الأصوات، وخاصة بعد تصريح العلاق أنهم سيجتمعون مرة اخرى فتكون أصواتهم أولا عددياً، وهذا أيضاً لم يؤهلهم، فذهبوا صوب الآخرين الذين دخلوا العملية السياسية مؤخراً، بعد السماح لهم كما عملوها سابقاً، بإستثناء من نالهم قانون إجتثاث البعث، واليوم يصولون ويجولون في بغداد! بعد أن كانوا يقفون على منصات الذل وشعارهم قادمون يا بغداد .
ذهاب الدعوة مع الفتح نحو الكرد وباقي المعترضين، سيكون له عواقب وخيمة بعد الفشل طوال السنين المنصرمة، والحزبان الكرديان لم يبينوا وجهتهم لحد الآن، وفي أجندتهم مطاليب لا يمكن للمواطن العراقي قبولها، لأنها تحوي بين طياتها مطالب لا يمكن إستحصالها من يريد تصحيح المسار السياسي الخاطئ، الذي إنتهجته الحكومات السابقة، وهذا ما توقعت به جهات سياسية أن هنالك إستجابة بصرف سبعة عشر بالمئة لإقليم كردستان! مع دخول البيشمركة لكركوك، أو تنازل التحالف المزعوم لهم لقاء رئاسة الوزراء، كما وقعها لهم في الفترة السابقة بغرض الولاية الثالثة، وعندها سيضيع العراق، ولا يكون هنالك مربع أول، عندها لا يفيد الكي وقد فات أوانه .