في بيت الله الحرام
بينما كنت اصلي في المسجد الحرام ،كان بجانبي رجل من إحدى الدول العربية، يلبس خاتما فيه عين زرقاء ، وهذه العين اعتاد بعض الناس لبسها بنية دفع العين والحسد،وهي صورة من صور الشرك ،وبعد الانتهاء من الصلاة ألقيت عليه السلام ،وسألته عن هذا الخاتم ،فأخبرني أنه راه عند أخ له فأعجبه فأهده له، فلما أخبرته أن بعض الناس يلبسه بقصد دفع العين،أكدت أن ذلك صحيح ، لكن لاتلبسه بهذه النية، وانما أعجبه ذلك الخاتم فقط .
فبينت له أن هذا الخاتم وسلية من وسائل الشرك ، وأن الوسائل لها أحكام والمقاصد ،وهو وإن كان لايعتقد أنه مؤثر إلا أنه لايجوز لبسه حتى لاتتشبه بالمعتقدين به، فما كان منه إلا أن سارع إلى نزع الخاتم من يده وهو يستغفر الله رب العالمين .
ويقول : ماكنت البسه ولا اعلم بهذا ، فتذكرت تلك المرأه التي أتت إلى النبي ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ((اتعطين زكاة هذا؟)) قالت : لا ، قال 《أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار 》 قال :فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله وارسوله . اخرجه ابوداود .. وحسنه الآلباني .
وليحذر المسلم من تمكن الهوى ،فإن الهوى إذا تمكن من صاحبه صعب عليه التخلص منه ، وإن النفس إذا رأت من صاحبها طاعة دائمة طمعت يكثرة الطلب،ولم تتوقف شهوتها عند حد معين،فهي تتنقل من كثرة المباحات التي تقسى القلب ،إلى المكروهات ،ثم إلى المحرمات حتى تستقوي على صاحبها .
فأن كان مايهواه ممايحبه الله ورسوله فليبشر بالسعادة في الدنيا والآخرة،وإن كان غير ذلك ،فالبدار البدار إلى تصحيح المسار ، وتعديل العلاقة مع الله تعالى ،لينال سعادة الدنيا وفوز الآخرة .
إن المشي مع العادات ومرعاة رضا الناس وسخطهم ،فتنة لايستهان بها سقط فيها كثير من الناس وضعفوا عن مقاوتهم ،فما أكثر صور المخالفات التي هي نتاج هذا العائق ! فمانرى من تقليد سافر لمظاهر البذخ والإسراف ، والتقليد الأعمى لأهل المعاصي إنما هو من جزاء هذه المسايرة،وإذا ذكرهم مذكر قالوا:هكذا يريد المجتمع ،وكل الناس يفعلونة ونسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :((من التمس رضا الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ،ومن إلتمس رضا الناس في سخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس )) رواه ابن حبان وصححه الألباني
فهد الزمام الموسى _*موقع مقال .