جدري الحوار! .. قصة قصيرة عن مرض جدري صغار الإبل
بقلم
محمود سلامه الهايشه Mahmoud Salama El-Haysha
كاتب وباحث مصري
ظل "أدم" و"أدماء" الجميلان الصَّغيران يلعبان طوال النَّهار، حتَّى غربت الشمس عن المَرْعى، شعَرا أنَّهما متعبان ومريضان، فأدم أحسَّ أن درجة حرارته مرتفعةٌ، و"أدماء" شعرَتْ بألم شديدٍ في فمها وشفتَيْها، فذهب كلٌّ منهما إلى أمِّه يشكو وجَعه، فانطلقت كلُّ ناقة تجاه عيادة الجلمد (القطيع)، وبرفقتها صغيرها، في الطَّريق تقابلا، فتجاذبا أطرافَ الحديث إلى أن وصلوا جميعًا إلى العيادة، فوجدوا الطبيب واقِفًا وسط العيادة، فرحَّب بِهم، فحكت كلُّ واحدة منهنَّ عمَّا ألَمَّ بِولدِها "أدم" و"أدماء".
فاقترب الطيبُ من "أدم"، وطلب منه فتْحَ فمِه، فنظر يبحثُ في أسنانه:
• آه.. عمرك سنتان.
فسألَتْه أمُّه:
• وكيف عرَفْتَ عمره يا دكتور؟
• من أسنانه؛ فالأنيابُ تَظهر على الفكِّ العلوي.
اقترب من "أدماء" ليفتح فمها، فسبقته أمُّها قائلةً:
• عمرها ثلاث سنوات يا دكتور.
• نعم.. فالزَّوج الأول من القواطع اللَّبَنية سقط، وظهر المستديم منها على الفكِّ السُّفلي، لا بدَّ أن تعرفوا المعادلة السِّنيَّة؛ حتى تتعرَّفا على أعمار صِغاركم.
فحَص الطبيب جلدَ الجسم للصَّغيرين، ثم سكَتَ بعد انتهائه من الكَشف، فسألَتْه أمُّ "أدماء" بلهفة:
• ما بِهما يا دكتور؟!
فنظر إليها من تحت (النظارة) بهدوءٍ شديد:
• هما مُصابان بجدري الإبل.
فردَّت أمُّ "أدم":
• ومن أين جاءهما هذا المرض؟!
• هو يصيب صغارَ الإبل من عمر سنتين إلى ثلاثِ سنوات، لا تَخافا؛ فالصِّغار تُشفَى منه، وتكتسب مناعةً طوال حياتِها ضدَّه، فلا يُصابون به مرَّة أخرى.
• أيكون من المرعى؟!
• هو مشترَكٌ بين الإنسان والحيوان، فقد ظهر هذا المرضُ في كينيا كمرضٍ مُشترك بين الحيوان والإنسان؛ نتيجةَ شرب بعض الأفرادِ لبَنًا من حيواناتٍ مصابة، فظهرَتْ عليهم تقرُّحاتٌ في الفم والشَّفتين.
• أتقصد أنَّه انتقل للأولاد من الرُّعاة والحلاَّبين؟
• هذا جائز جدًّا؛ فهو ينتقل بالتلامس المباشر.
• هل ستنتقل العدوى إلينا؟
• في الغالب تُصاب الإبل بالجدري قبل أن تصل للثلاثة.
• وما أعراضُه؟
• تختلف فترة حضانة المرض بين 4 إلى 15 يومًا، يبدأ بعدها المرضُ في شكل حُمَّى معتدلة، تظهر البثرات على الغِشاء المخاطيِّ للشَّفتين، ويقوم الجمل بِدَعك شفتين ليخفِّف عنها، يؤدِّي إلى صعوبة في تناول الغِذاء، يصيب المرض أحيانًا الضَّرع، وحول الشرج، والفخذين، والأقدام.
• وما العلاج الآن يا دكتور؟!
• حَكُّ الجلد، وإحداثُ جروحٍ سطحيَّة بها، والتعاملُ معها.