تطوير السياحة الداخلية سبيل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
بقلم
محمود سلامه الهايشه Mahmoud Salama El-Haysha
كاتب وباحث مصري
الكتابة بذكاء وتوصيل الفكرة بشكل فلسفي عميق، والسلاسة في ايصال الفكرة ، أمور ضرورية جدا في كتابة المقال الصحفي، فلا هو بالطويل الممل ولا بالقصير المخل ، هذا ما فعله الكاتب السعودي "إدريس الدريس" في مقال المنشور بصحيفة عكاظ يوم الاثنين 3 ذو القعدة 1439هـ الموافق 16 يوليو 2018م تحت عنوان "رحلة التمشي في الصيف"، المقال عبارة عن ثلاث فقرات، في الأولى والثانية الحديث عن سفريات المواطن السعودي للسياحة خلال فصل الصيف في بلدان العالم وكيف يختار الدولة ويحدد المدينة ويرسم ملامح رحلته؟!، وفجأة تأتي الفقرة الثالثة وهي أكبر في عدد الكلمات من السابقتين ، لينقلنا للداخل السعودي بدلا من الخارج، الداخل به الوطن وما فيه من أبطال، الأماكن السياحية التي تحتاج لتطوير المشاريع مثل منطقة عسير، وجزر البحر الأحمر وفي نيوم والقدية ، والمواطنين أنفسهم فتنمية البشر قبل الحجر، فالمكان بطل والإنسان بطل، والاثنين يحتاج لعين الرعاية ، بالطبع معنى وجود مزارات سياحية تجذب السائحين من كافة انحاء العالم سوف تضع السعودية على خريطة العالم السياحية بخلاف السياحة الدينية مما سيكون له مردودة الاقتصادية، وقد ناقش قضية نفسية اجتماعية كبرى في جمل مكثفة وبذكاء شديد ، ألا وهي اختلط وتقارب السعودي بغيره من الجنسيات الأخرى حلو العالم، إذ يقول: ".. وهل سيغير السواح الوافدون إلينا من انغلاقنا على أنفسنا؟ من حيث كوننا لا نندمج كثيراً مع الأغراب ولا نتخذ منهم أصدقاء ، وإذا كان أكثر السعوديين لا يعقدون صداقات أو علاقات ممتدة مع غير السعوديين ، رغم كثرة الوافدين من المقيمين الذين يعملون في المملكة في شتي المهن ، فلربما أن سبب ذلك هو عدم الندية والفروقات التراتبية العملية، فالسعودي غالباً مدير وكفيل وهذا اوافد في درجة وظيفية لا يفترض أن تسمح غالباً بإقامة علاقة متساوية معه، فهل يتغير ذلك عندما يصبح السعودي هو مقدم الخدمة لهذا السائح الأجنبي وهو المرشد والدليل السياحي".
فقد رصد الإشكالية وحدد ملامحها وأبعادها وركز على أهم أسبابها أو لبها ، ورسم طريق حلها وعلاجها. بالطبع ، نحن نتحدث عن إشكاليات مجتمعية داخلية سعودية نؤدي فيها دور المراقب ، نحلل ونستنتج ونصل لنتائج من خلال التفكير العلمي باستخدام استراتيجية حل المشكلات.
وصرح «م. علي بن مسفر الزهراني» - رجل أعمال – لجريدة الرياض (الأربعاء 4 ربيع الأول 1434 هـ - 16 يناير 2013م - العدد 16277): أنّ السبب الأساسي من جلب العمالة قبل (30) عاماً أنّ البلد في تلك الفترة كانت قد دخلت أبواب جديدة من التطور والازدهار في مجال التنمية بشتى مناحيها، واستوجب ذلك التعاقد مع العمالة من دول مختلفة ليساهموا في العملية التنموية التى شهدتها البلاد بفضل الله سبحانه وتعالى، وبعد أن وصلت البلاد لهذه المرحلة من النماء تمكنت القيادة الرشيدة من تأهيل وتدريب الشباب السعودي في مختلف المجالات؛ مما جعل من بقاء أعداد العمالة الأجنبية أمراً غير مقبول، داعياً إلى تكريس الثقة في المواطن، ومنحه صلاحيات أكبر، وتأهيله باستمرار، وتوسيع خبراته ومسؤولياته عند اتخاذ القرار.
وفي التعليقات على نفس الموضوع بجريدة الرياض («الثقة» و«المنافسة» و«التأهيل» محفزات تغيير النظرة السلبية «عقدة الخواجة» مستمرة على حساب المواطن..!)، اعجبني جداً، رأي مخالف لأحد القراء المعلقين يرد فيه على الأمرين محل المناقشة، العمالة الوافدة والانفتاح على العالم الخارجي، كتب "أبو فيصل" قائلا: "الميدان يا حميدان وترك البهرجة وتشمير اليدين هو المطلوب، التاجر يبي بديل ويربحه وينجز شغله وأنا شخصيا جربتها مع أكثر من 8 سعوديين ومهندسين وبرواتب من 15 آلاف وطالع الاعذار واللي ماجا واللي لقاله وظيفة ثانيه واللي نائم واللي.. اتركوا العاطفة ولازم المنافسة ولازم الاجنبي لنقل المعرفة والخروج من الانغلاق".
بالنهاية، إدارة الأعمال في العصر الحديث تريد كفاءة وأيادي مهرة، فأصحاب رؤوس الأموال لا يشغل بالهم سوى منحنى الأرباح المتزايد باستمرار، من خلال أي مجموعة أو تركيبة بشرية، فالمستثمر لا يعرف للعاطفة مكاناً، ولكن ما يغير نفوس الشعوب التي لديها بعض الإشكاليات فتحلها العمل على الصحة النفسية والتغيير الثقافي الحقيقي من الصغر كباقي شعوب العالم المتقدم والمتحضر ، وحتى لا ننسى من يتحكم بعالم اليوم هي الشركات الكبرى متعددة الجنسيات العابرة للقارات ذات النفوذ والقرارات التي تفرضها على الدول وقوانينها الداخلية!!.