في مثل هذه الايام وقبل اربع سنوات (صادف حينها شهر رمضان)شنت القوى الاسلامية بشقيها الاخوان والمقاتلة,تحت مسمى(فجر ليبيا)وبعد خسارتها الانتخابات,هجوما عنيفا على مطار العاصمة الذي لم يكن تحت سيطرتها,لأنها كانت ترى في العملية السبيل الوحيد لإبقائها على قيد الحياة,فأحرقت ما تواجد به من طائرات مدنية ومعدات واستتبع ذلك نزوح شامل لسكان المنطقة والعبث بممتلكاتهم,افضى الى الاستيلاء على العاصمة ومن ثم دخول المنطقة الغربية بأكملها في دائرة العنف والانتقام وسقوط مئات الاشخاص بين قتيل وجريح.  

ارادت بتلك العملية التي اسمتها "قسورة" ان تسيطر على كامل المنافذ الجوية والبحرية بالمنطقة الغربية,ومن ثم السيطرة على زمام الامور في الغرب الليبي من خلال الالتفاف على نتائج الانتخابات وعدم الاعتراف بها,فكانت حكومة الانقاذ التي احدثت المزيد من الشروخ في النسيج الاجتماعي, وساهمت هذه القوى الاسلامية في ارسال الجرافات التي تقل مختلف انواع الاسلحة والمقاتلين التكفيريين الى شرق الوطن,في محاولة منها للإبقاء عليه تحت السيطرة,وإفشال الحراك الوطني الرافض للمشاريع الاقليمية والدولية الهادفة الى السيطرة على مقدرات البلد وجعلها مصدر تمويل لتنظيم الاخوان العابر للقارات.

حكومة الانقاذ الاخوانية اعلنت عن اعادة اعمار المطار,رست العقود على شركات محلية وأعلن عن الانتهاء من بناء الصرح الكبير وقرب تشغيله,نقلت الينا وسائل الاعلام المختلفة وبالأخص المرئية حفل الافتتاح برعاية من قام بتدميره وقد امّ جموع المصلين,لم يفتتح المطار وتبين ان ما جرى مجرد استعراض ليس إلا,حكومة الوفاق من جانبها وبعيد استلامها السلطة ودحرها لميليشيات الانقاذ,قامت بتكليف شركة عالمية لتجهيز صالة الركاب ومن ثم تشغيل المطار,اتضح فيما بعد انها مجرد عملية لإهدار المزيد من المال العام الآيل للنضوب.

في ذكرى تدميره تعلن حكومة الوصايا مجددا عن البدء في اعادة الاعمار للمطار من قبل شركة ايطالية هذه المرة وان مدة الانجاز لن تتجاوز التسعة اشهر لتتوافق مع الاحتفالات بذكرى ثورة 17 فبراير.علّهم يحتفلون بانجاز ليقدموه الى الشعب الليبي في ظل كم متراكم من اعمال التدمير التي طالت كافة مناحي الحياة,اضافة الى التدمير المعنوي من خلال ارتفاع الاسعار وعدم القدرة على تلبية مقتضيات الحياة.

اننا جد متأكدون بان من ساهم من الليبيين في تدمير البلد لن يسعى الى اعماره,وإنما هي محاولة لاستنزاف المزيد من مقدرات البلد,وتحقيق مصالحهم الشخصية,وان الدول التي سعت في الخراب ترى انه قد حان الوقت لجني أرباح تدخلها وان الايعاز الذي صدر مؤخرا من الدول الغربية الأربع الى السلطات الليبية المختلفة بإعادة ضخ النفط انما هو لتعويض الفاقد من النفط الإيراني وإغراق السوق ومن ثم انخفاض الأسعار,لتكون كلفة إعادة الاعمار جد باهظة وتلتهم إيرادات عديد السنين.

لا نستغرب كثيرا عندما نجد ان إيطاليا في مقدمة الدول الساعية الى الاستئثار بسوق النفط والغاز فهي ترى ان ليبيا هي مجالها الحيوي(ليس شاطئها الرابع فحسب بل جزء من التراب الايطالي)يجب ألا ينازعها احد,حيث تمكنت إيطاليا مؤخرا من الحصول على تفويض امريكي لها في ليبيا بهدف تحقيق الاستقرار والحد من الهجرة غير الشرعية.

ويبقى الامل معقود على شرفاء الوطن لأجل انقاذ البلد من براثن المستعمر وأذنابه,وما ذلك ببعيد.