هو يدعي: "هناك خطأ في القرآن، هناك آية تقول وجعلنا من الماء كل شيء حي لكننا اذا سبنا الماء على النار انطفئ"

قد يكون ما سأقوله جنوناً في البداية، لكن الحقيقة هي أن لولا وجود الماء في الأرض لما كان من الممكن أن يكون للنار أي وجود

اشرحها: الماء مكون من عنصرين أساسيين، الأوكسجين والهيدروجين، أما النار مكون من ثلاث عناصر أساسية حرارة، وقود، أوكسجين، المتكرر في المادتين هو الأوكسجين، السؤال من أين يأتي الأوكسجين في غلافنا الجوي؟ من الأشجار والعوالق النباتية في المحيطات بعملية البناء الضوئي (إطلاق غاز الأكسجين، وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو نهاراً) وفي عملية البناء الضوئي تفقد كل النباتات البرية المياه عندما تتفتح مسامات أوراقها في عملية البناء الضوئي، فتصد المياه عالياً عبر الساق ويتبخر الماء فيغذي الغيوم المحملة بالرطوبة مما يسبب حمل حراري ومن ثم يحدث المطر.

قد تتسائل ماذا أتى أولاً، الماء أم النباتات؟ الجواب هو الماء

الماء موجود في الأرض بوفرة لكنه في الأخير محدود، الشجر على الجانب الآخر يحتاج إلى الماء لينمو، كيف تحدث عملية التبخر اذا لم يوجد شجر أصلاً؟ اذا لينمو الشجر نحتاج إلى ماء طبعاً

الآن، من أين أتى الماء تسأل؟ أعتقد أنك تعلم الجواب، من الفضاء، قال الله عز وجل"وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ"، والدراسات العلمية الحديثة تؤكد هذا، الماء لم يأتي من الأرض بل من السماء وله شرح طويل لن اذكره في الاجابة على هذا السؤال، 

قال صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن بدء الأمر (أي كيف بدأ هذا الكونُ): «كان اللهُ ولم يكُن شىءٌ غيرُهُ، وكان عرشُهُ على الماء، وكَتَب في الذّكر كُلّ شىءٍ، ثُمّ خلق السّمـوات والأرض» – رواهُ البخاريُّ -.

إذاً الماء من أول المخلوقات، ثم انزل الله منه بقدر إلى الأرض وأسكنه فيه فتكونت المحيطات، الأنهار، البحار إلخ

ثم بثت الحياة في الأؤض وظهرت النباتات من ضمنها الأشجار، قال الله تعالى:

"وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ" البقرة:22

"وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا" البقرة:164

"وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ" الأنعام:99

"أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا" الرعد:17

"وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّىٰ" طه:53

والعديد من الأيات التي ذكر فيها نزول المطر ونمو النباتات

الآن بعد هذا الشرح، نعود للإدعاء بأن آية وجعلنا من الماء كل شيء حي خاطئة وأنها تنافي العلم، وهو العكس تماماً بل المشكلة في عدم تفكر القارئ وبحثه عن الحقيقة بموضوعية.

نزل الماء في الأرض وسكن فيه، ثم خرجت النباتات والأشجار، وبدأ غاز الأكسجين بالانتشار في الأرض، وبثت الحياة فيها ونحن الآن نستطيع اشعال النار لوجود غاز الاكسجين في الهواء

تأثير الماء على قابلية اشعال النار هو تأثير غير مباشر، الآية تقول وجعلنا من الماء كل شيء حي، وكما ذكرت الماء أول المخلوقات، الآية لم تقل وجعلنا كل ما يلمسه الماء حياً، كان سيكون لها معنى آخر

تماماً مثل البشر من عملية البناء الضوئي، ليس للانسان أي دور فيها، عملية البناء تحدث من تلقاء نفسها بدون تدخل البشر، لم يتفاعل أو يتعامل الماء مع الانسان نفسه، وفي الأخير استفاد الانسان من هذه العملية بطريقة غير مباشرة، والأمر ينطبق مع الماء والنار، العملية غير مباشرة، تأثير وجود الماء على وجود النار يتم بين الماء والشجر كما تم الشرح، ثم تؤثر الأشجار على النار بصورة مباشرة كوسيط بين الماء والنار. فسبحان الله أحسن الخالقين.