بقلم -سمر العرعير
ببراءة الطفولة التي لا تعرف معنى للانتقام، بدا الغضب في عينية برفقته حزن دفين لطفل لم يتعدى الأربع سنين ، أخرجني من حالة متابعة ردود الأفعال حول ارتكاب جريمة حرق الطفل على دوابشه ، وبصوته المخنوق بعبرات لا يعرف معناها ، قال لي صغيري ، حرقوه يا أمي ؟ من الذين حرقوه ، ولماذا قتلوه ، حدثيني يا أمي اخبريني عما صنعوه .
اذهلتنىي كلماته التي تفوق عمره بكثير ، فقلت له بعدك بالعمر يا بني صغير ، فأصر عليا قائلاً " بالله عليك يا أمي لما حرقوه ، قلت له لأنه فلسطيني ، يدافع عن شرف الأمة العربية عن الإسلام والدين .
بعده لا زال رضيع ، فكيف يدافع عنها وإذا خرج للشارع يضيع ، ابتسمت وما كان لي أن ابتسم فقلت ، بنو صهيون يا بني لا يعرفوا الرضيع ، ولكن كل ما يعرفوه انه طفل فلسطيني سيحاربهم يوما ما ويخرجهم من تلك الأرض ، ويعيد حقاً بالأمس سلبوه يا بني ، ويعيد للأقصى قدسيته ويعيد ....
بني لا تبكى على" علي "فهو في الجنة أن شاء الله شاهداً وشهيد ، شاهدا على حكام عرب أغرتهم الدنيا وأنستهم يوم الوعيد ، فختم على قلوبهم فلم تعد أفواههم تستخدم إلا لملئ البطون ، والعيون لم تعد تبصر سوى الأضواء والنجوم ،وتشيح بوجهها عن كل فقير ومظلوم ، أما عن أيديهم فوالله يا بني لم تفكر يوما بحمل السلاح ، وقتال السفاح الذي سلب فلسطين وكل بقاع المسلمين ، بل حمله لمحاربة كل من قال حي على الفلاح .
حتى نحن يا صغيري ، يوم ويومين ونقول الله يرحمه علي راح وارتاح ، لم نكن بحجم الأمانة التي تركها لنا بان دمه وجسده لن يرتاح ، لا تستهين يا بني بصغره وتقول رضيع ، لأن المشهد يا اخوتى والعزة باتت في حال وضيع .
يطاردني بسؤاله ، الحق من يضيعه يا أمي فأقول له ، حكام لئام في زمن الأقزام يتطاول البنيان ، ويحب الحر والحرير وينبذ الجهاد ، ويسود الفساد في البلاد ، ونحن يا بني أيضاً نشارك في الجرم والإجرام فكلما ارتكب بنو صهيون جريمة ، تناولنا الخبر يوم أو يومين على الأثر ، ونظرتنا بان الخبر قديم ، هو أصل التعتيم .
لو يا بني ارتكبت الجريمة بحق طفل من بنو صهيون ، كان قامت الدنيا وما قعدت ، وكان وسائلنا العربية قبل الغربية ثارت ، تشجب وتستنكر وتتوعد ، فمنهم من قال شو ذنبه المسكين ، وبعضهم هذا عمل إجرامي لعين ، ولكن بحقنا يقولون ، انه مستوطن مجنون ، وبوسائلهم يعربون عن حزنهم ويعربون ، يخططون ويفعلون ، ومن ثم يتجاهلون .
لأن بسياستهم العرب بتهيج يوم ويومين ، وبعدين ، سيبك من بعدين ، كله بنسى والقلوب بتقسى .
غاب عن ناظري صغيري ، لأفاجئ به يلبس بدلته العسكرية التي شغف بحبها منذ الصغر ، وحمل بندقيته المتعطش لحملها دوما ، قائلاً لي وبصوت عالي ، سأنتقم أنا للرضيع يا أمي وحقه إن شاء الله لن ولن يضيع .