بقيت أيام ويأتي رمضان ..
جلست على مكتبي أحضرتُ ورقة
ما خطتي التفصيلية لرمضان ؟
بصراحة هدف الخطة في حياتي كـ سمية ليس هو السير على حذافيرها -لأني لا أستطيع غالبا أن أكظم الفوضى التي أتمتع بها- وإنما هو السير بالقرب منها بخطوط متعرجة أفضل من السير بلا خط .
كان من المهم عندي أن أضع خطة لمالك أيضًا .. ولأن القرآن هو القيمة الأولى عندي
أرغب جداً في أن يحب القرآن ويتعلمه ويحفظه ويرتبط به.
أي سورة سأختار ؟
وجدتني أختار سورة الواقعة ..
لماذا الواقعة ؟ لا أدري تحديدًا ولكن الذي دفعني هو أن (جزء عمّ) قد سمعه مالك مع المصحف المعلم وكررنا سماعه كثيرا في طريق المدرسة ومالك بشخصيته العجيبة سيشده أن نتعلم سورة جديدة لم يسمعها ولم يألف كلماتها .
السبب الثاني أن سورة الواقعة تعجبني فيها ذكر الجنة ونعيمها بشيء من التفصيل الممتع وفيها ذكر نعم الله علينا ، وأنا أهتم جدا بعقيدة الشكر على النعم .
صنعت جدول ضخم لمالك من الكارتون( كارتون من مكتب ايكيا
) والورق والشرائط وطبعت رسومات وقصصتها ، قسمته لثلاثين خانة من الجهة العمودية أما الجهة الأفقية فكانت للعادات التي أريد من مالك أن يكتسبها وكانت إحداها قراءة القرآن . في نهاية الجدول كتبت الجوائز التي سيحصل عليهاسأفوز ب: رضا ربي ، تطوير نفسي ، دراج
- ١ رمضان -
خطر لي أن يشارك مالك أصدقاء له ، بعد صلاة العصر اتصلت بأسماء وعرضت عليها أن يحفظ أولادها مع مالك سورة الواقعة نورة (١٠ سنوات ) الوليد ( ٧سنوات ) الخطاب ( ٦سنوات )
طلبت منها أن أكلمهم .. كانوا بجانبها فتحت مكبر الصوت وعرض الفكرة ما رأيكم أن نتعلم سورة الواقعة معا في رمضان ؟ ومالك سيشارككم ، سنتعلم كل يوم جزءاً ... حفزتهم بالجوائز
انضمت للفريق ( لولوة ١٠ سنوات )
كنت قبل رمضان قسمت سورة الواقعة على أيام رمضان فيكون في كل يوم ٣ -٤ أيات
أخبرت الأطفال بآيات اليوم الأول وأني أنتظر منهم حفظها وإرسالها لي في مقطع عبر واتساب.
في اليوم الثالث من رمضان انضمت لنا رِواء بنت صديقتي لينة (٧سنوات ) فأصبح المشاركون ٦ فأصبح عندنا نادي قرآني عن بعد سميناه ( نادي النور ) وأنشأنا قروب واتساب .
حفظ أم فهم ؟
ممم هل الحفظ هدفي ؟ ممم لا أظن
لابد من الفهم
قررت أن أشرح لهم الآيات .. كيف ؟ ممم
فتحت برنامج بوربوينت وجهزت شرائح كوّنت فيه أشكال ورسوم توضح الأزواج الثلاثة : السابقون ، أصحاب اليمين ، أصحاب الشمال
فتحت الجوال وسجلت فيديو وأنا أشرح لهم من شاشة الكمبيوتر الآيات بأسلوب حاولت جدا أن أجعله بسيطا .
تسجيل - إرسال - استقبال
كانت من مهامي في يومي قبل المطبخ أن أسجل المقطع بعدما أعدّ شرائح البوربوينت ومنها شريحة بها جدول ملون بأسماء الأطفال ونجمة عن كل يوم يقوم فيه بالمشاركة ، أحاول أن أستخدم الصور والألوان المبهجة
أبدأ تسجيل المقطع بتشجعيهم وتعليق على مشاركتهم أمس ثم أعرض الآيات الجديدة بصوت المصحف المعلم للشيخ خليفة الطنيجي وبعدها أشرح الآيات بصوتي العذب
أرسل المقطع لقروب الواتساب وأنتظر من الأطفال سماعه وسماع الآيات من المصحف المعلم ثم تسجيلها وإرسالها .
كنت أفتح كل مقطع يصلني ولا أستطيع إلا أن أبتسم لأصواتهم الصغيرة المؤمنة .
في الحقيقة كنت أتخوف من أن الفكرة ستشغلني وأني أحتاج وقتي ولكن قلت سأجرب
وجدت أن التحضير والتسجيل يأخذ مني نصف ساعة تقريبا
وسماع المشاركات لا يحتاج مني لأكثر من ١٠ دقائق
وهذا وقت يسير
و قيمة تعليم القرآن للأطفال عندي تستحق
جهدٌ خاص لـ مالك
كنت قد خصصت مكانا في بيتي للعبادة في رمضان وسميته المسجد .. سجادة لي وسجادة لمالك .. مصحف لي ومصحف لمالك .. سبحة لي وسبحة لمالك وعِطرُ لي وعطر لمالك .
علقت على الجدار بطاقات صفراء مطوية من المنتصف وعلى الجهة الظاهرة من كل بطاقة رسمت عين ( عين صغيرة وعلى أخرى كبيرة وعلى ثالثة عين شرقية صغيرة ... ) وفي داخل كل بطاقة رقم الآيات وأخبرته أننا إذا تعلمنا آيات اليوم نرسم تحت العين فمّ عريض فتصبح عندنا ابتسامة
في الحقيقة كنت مستعدة لرفضه تعلم سورة الواقعة فاتخذت احتياطي ..عندما علقتها علقت معها
بطاقات زرقاء بنفس الفكرة لكنها تحتوي على آيات منوعة من قصص القرآن ( قصة الهدهد - قصة موسى والخضر - قصة أصحاب الأخدود ...)
ليختار أي واحدة فنمسك بالمصحف ونتعرف على القصة ونقرأها ولم يكن الحفظ هدفي.
في مقابل حماسي هذا كان مالك غير مهتم .. تجاوب معي في البداية .. ثم كان يتفاعل حينًا ويطنشني أحيانا أخرى ..
خفت من إجباره فلم أضغط عليه ..
لم أتضايق كثيرا كنت سعيدة ببقية الأطفال و كنت أتعمد أن أفتح مقاطع الأطفال وهو الغرفة فيسمع أصواتهم .. لا أعلق
ولكن شيئا ما كان يستقر في أعماقه هو الذي أريده .
الاستمرارية هي التحدي !
في كل أعمالي وخططي التحدي أمام نفسي هو (أن أستمر)
لم أكن متأكدة أن هذا سيحصل
كنت مهتمة بأن يكمل الصغار المشوار بنفس حماس البداية .. فكرت في إدخال المتعة والرسم .. قمت باختيار( الخطّاب )وطلبتُ منه بعد أن تكلمنا عن نعيم الجنة أن يرسم رسمة ترمز لعمل صالح يدخلنا الجنة ونحن نحزر ماهو هذا العمل ؟ فرسم لوحة فنية صغيرة أرسلها للمجوعة كان فيها بيت وبداخله شخص يشارك الآخر في "شيبس ليز الأخضر" ، في اليوم التالي رسم لنا الوليد رسمة رمزية أيضا .. وهكذا
في منتصف الشهر اشتريت لهم حلويات من باب التحميس =) تمنيت لو أني خططت أكثر ورتبت حوافز مادية معنوية ولكن هذا ما في الإمكان
في بعض الأيام كنت أرسل لهم مقاطع خاصة سجلتها عن :" لماذا نتعلم القرآن ؟ " وكل مقطع يحوي سبب أو حافز يجعلنا نهتم بالقرآن .
مرت الأيام والمفاجأة .. أننا نجحنا والحمدلله بفضل الله - لأن هناك طرف آخر جذبني هم الأطفال المتحمسون -
وصلنا لليوم الأخير من رمضان بعد مثابرة وصبر الأطفال فبعض الآيات كانت كلماتها تحتاج جهد منهم
وصلتني أصواتهم الصغير بآخر آيات سورة الواقعة وكانت فرحتهم وفرحتي كبيرة .
أرسلت لهم وأخبرتهم أني فخورة بهم وضعت صور تعبر عن الفرح و ونشيد جميل عن القرآن :
"نورٌ ملأ القلب ففاض بحب كتاب الله
أشرق قلبي بالقرآن فشكراً يا رباه"
حقيقي كنت مبسوطة وأنا أسمع النشيد وأشعر بنهاية جميلة لرمضان تختلف عن نهايات الرمضانات السابقة
حان وقت الاحتفال
يوم الخميس ٧ شوال كانت بيتي ممتلأ بالبالونات ..والجدران ملعق عليها الزينة الورقية بألوان مبهجة وعلى طاولة جانبية رتبت الهدايا المغلفة، وعند مدخل الصالة وضعت سبورة كتبت عليها برنامج الحفل ( لعبة "اعرفوني" . مسابقة حروف . صلاة المغرب . لعبة قائمة التسوق . لعبة الأذن السريعة . لعبة الكنز . الشهادات وتوزيع الهدايا . الطعام )
فتحت الأناشيد
وصل الأطفال وبدأت الحفلة ومر الوقت سريعا وممتعا .. بعد لعبة الكنز جلسنا في حلقة وقرأنا معاً سورة الواقعة من أولها لآخرها .. ثم قدمت لكل طفل هدية وشهادة
وحان وقت الطعام وكيكة شوكولاتة بسيطة
الحمدلله كانت تجربة ظريفة
دعائي ورجائي أن يجعلني الله وهؤلاء الأطفال وكل أطفال المسلمين من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته .. وأن نعيش بالقرآن ولأجل القرآن وأن نموت على القرآن وأن نرتقي بالقرآن
قولوا آمين =)