ليس بالخبز وحده يحيا الانسان,مقولة يثبت قائلها بأن المأكل والملبس جد متوفر له,وانه يسعى في الحصول على اشياء اخرى متضمنة أحدث ما وصلت اليه التقنيات الحديثة لتسهل امور الحياة,ناهيك عن المطالبة بحرية الرأي والتعبير,وإيجاد دستور للبلاد ينظم العلاقة بين الراعي والرعية او ما يسمى بالعقد الاجتماعي,من هذا المنطلق شهدت البلاد ضمن المنطقة سلسلة من اعمال العنف,ترى هل استطاعت الجماهير التي خرجت على النظام تحقيق ما كانت تصبو اليه؟ ربما تحقق لها مطلب رئيسي واحد وهو اسقاط النظام,اما بقية المطالب فإنها وعلى مدى سبع سنوات ونيف لم يتحقق أي منها بدءا بعملية تدليس لانتخابات 2012 ,مرورا بعدم الاعتراف بنتائج انتخابات 2014 ,وانتهاء بالدستور الذي لم يبصر النور بعد,ناهيك عن اعمال العنف التي سببت في احداث شروخ في البنية المجتمعية,فالقتل والقبض على الهوية.
نقترب قليلا من الواقع,هل تحسن الوضع الاقتصادي للفرد وفق وعود المنظرين للتغيير؟ هل استطاع المواطن ان يوفر حاجياته الرئيسية (المأكل والملبس)بأقل كلفة ومن ثم استخدام الجزء الاكبر من دخله في توفير المسكن والمركوب؟.
المؤكد ان غالبية (لا اريد التعميم)الذين يقفون في الطوابير المتعددة لأجل الحصول على السيولة النقدية وتلك بشان الحصول على الوقود وغاز الطهي والأخرى الخاصة بالسلع "المدعومة" لم يخرجوا على النظام,اذ لو انهم خرجوا,فما الذي يمنعهم من الخروج على الوضع القائم الممعن في ازدراء الانسان وتحقيره الى ابعد ما يمكن,وجعله يعيش على حد الكفاف,ويستجدي المساعدات الاقليمية والدولية,اللهم إلا اذا كانت المنظومة الامنية الحالية اكثر جبروتا وطغيانا وتسلطا من تلك التي كانت سائدة قبل الثورة,وفي هذه الحالة لا يطلب من الفرد بإلقاء نفسه الى التهلكة,وعليه بالصبر فهو مفتاح الفرج وفق الكثير من فتاوى العهد.اجزم ان الذين خرجوا على النظام (مرة اخرى لا اعمم),لم يقفوا في أي من طوابير الاذلال والمهانة سالفة الذكر,بل استطاعوا الحصول على ما يشاءون من اموال ثابتة تم تسييلها ومنقولة وقاموا بتهريبها خارج الوطن للعيش الكريم.
الذي نعرفه وعلى مدى عقود ان الدولة تستورد علف الحيوانات(الشعير ومشتقاته مضافا اليها بعض المواد الاخرى) لكننا لم نلحظ او نسمع في السابق ان الدولة قد قامت باستيراد مادة التبن,ربما تم استيرادها للتغطية على بعض عقود الاستيراد حيث تم استيراد مواد المواطن ليس في حاجة اليها,مثل الرمل والزلط,وفي بعض الاحيان تم استيراد حاويات خالية من أي سلعة,قد تكون الفكرة ان تساهم هذه المادة في تنمية الثروة الحيوانية وبالتالي تخفيض اسعار اللحوم المختلفة حيث انها مؤخرا جاوزت الخمسون دينارا لكيلو لحم البقر.
قد يتبادر الى ذهن من يشاهد الباخرة المحملة بالتبن او يسمع باستيراد هذه المادة من غير الليبيين,بان حكومة الوفاق المنصبة من قبل الخارج,قد وفرت لرعاياها مختلف انواع السلع,بل تعدتها الى توفير سبل العيش الكريم للثروة الحيوانية,التي هي الاخرى اجبرت على الهجرة الى دول الجوار بفعل تردي سعر صرف العملة المحلية مقابل عملات دول الجوار,فهي من وجهة نظر حكومتنا الرشيدة كائنات حية شانها شأن المواطن,ولها نصيبها من عائدات النفط وبالعملة الصعبة.
ان المواطن يعيش احلك الظروف,بسبب عدم قدرته على توفير الحاجيات الرئيسية للعيش,عقود استيراد السلع بالمليارات,لكن الكمية التي تدخل البلاد قليلة جدا ما جعل اسعارها ترتفع كثيرا.كأني بحكومة الوصاية تقول لليبيين (كلوا التبن),فلا فرق بينكم وبين الحيوانات,ما لم تجعلوا لأنفسكم قيمة.