بالرغم من أن المجتمع العراقي يعد عربيا وإسلاميا موروث وتقاليد قبلية، ومر بأحداث مضطربة أثرت على واقعه الاجتماعي، لكنه كان سباقا عن غيره من شعوب المنطقة في منح المرأة جزءا من حقوقها، وإدخالها في سوق العمل وميدان التعلم.

   رغم الإنتكاسة التي تعرض لها الواقع النسوي في العراق بداية الثمانيات وإستمرت في التسعينات، بسبب دخول العراق في حروب طاحنة فرضها عليه النظام البائد، سببت الكثير من الضحايا والارامل والايتام، وتدهور في الواقع المعاشي والاقتصادي وتفاقم البطالة، جعلت من المرأة حبيسة بيتها غير قادرة على إداء دورها، لكن هذا الامر إنتهى بعد زوال النظام ودخول العراق في مرحلة تاريخية جديدة.

  بعد عام 2003 وتغير النظام السياسي في العراق، بدأت مفاهيم جديدة لدور المرأة في المجتمع العراقي ومشاركتها في العملية السياسية، إستندت هذه المفاهيم الى القيم الإسلامية أولا، كون الدين الاسلامي أقر حقوق المرأة منذ أن خلق الله آدم وحواء، وأكد الرسول محمد ( عيه وآله أفضل الصلوات ) دورها الكبير في الواقع الاسلامي، حين بايع المسلمون والمسلمات النبي فلم يخص الرجال وحدهم، والإرث الإسلامي الكبير لدور المرأة في الإسلام، إضافة الى الدور الاجتماعي للمرأة كونها تمثل نصف المجتمع، ويجب أن تضطلع بدورها الذي غيبت عنه.

   النظام السياسي الجديد أصبح مؤمنا بمشاركة المرأة الفعلية وأخذ دورها في النظام الديمقراطي،  وثبت ذلك في الدستور العراقي الذي أقر نسبة 25% من المقاعد البرلمانية من حصة النساء، متفوقا بذلك على البرلمان الفرنسي الذي لا تتعدى نسبة النساء فيه 12%، ومجلس العموم البريطاني الذي لا تتجاوز النسبة فيه 19%، بل إن التمثيل النسوي وصل الى 33% في الجمعية الوطنية، مع الحصول على ستة مقاعد وزارية، في حين مازالت بعض البلدان الإقليمية تحرم المرأة من حق التصويت.

   أخذت المرأة العراقية دورا رياديا، بعد تسابق الاحزاب على إدخالها في العملية السياسية وتسنمها مناصب مهمة، فصرنا نرى ما يزيد على 2000 إمرأة ترشح في كل انتخابات برلمانية، وما يزيد على 80 مقعد برلماني تشغله النساء، ولم تكد تخلو حكومة عراقية من منصب وزيرة او أكثر، اضافة للمناصب الاخرى المهمة في إدارة الدولة كأمانة بغداد ومصرف التنمية العراقي وإدارة وزارة المالية، حتى نضجت التجربة السياسية للمرأة العراقية، فأصبحت رئيسة لحزب سياسي وهي التجربة الأولى في الشرق الأوسط.

 إن إزدياد دور المرأة في العملية السياسية دليل على وعي المجتمع، وتخلصه من عاداته وتقاليده الموروثة، وتغير مفاهيمه تجاه المرأة، والتخلص من ثقافة التمييز بين المرأة والرجل، وهذا الأمر سيحقق تقدم المجتمع وازدهاره كونه منح الفرصة الى نصفه المعطل بالعمل، وأخذ دوره في المشاركة على كافة الأصعدة.