عندما كنت في الصبى كنت أمني النفس أنا وأقراني بامتلاك سيارات حديثه نقضي بها حوائجنا وتنقلنا الى مدارسنا دون إنتظار رحمة الآخرين
وعندما أمتلكنا تلك المركبات كنا نتمنى أن تكون الطرق معبده حتى نسير عليها بلا عناء ونستطيع الحفاظ عليها من أثر الحفر والمطبات
أما عن السكن والأثاث فقد كنا نمني النفس بأجهزة تكييف تقينا لفحة الحر ومطاردة ظلال المنزل المكشوف لأشعة الشمس في الغدو والرواح ولا يقينا سقفه لا من غبار ولامطر
ولم نكن نملك أجهزة اتصال تكفينا مشقة البحث عن بعضنا البعض وتجعلنا على تواصل دائم ونستفيد منها في تنسيق مواعيدنا واجتماعتنا
كبرت أنا وأقراني وغادرنا قريتنا الصغيره وبقيت أحلامنا خلفنا ذهبنا كلاً يبحث عن لقمة عيشه فمنا من واصل حصد العلوم ليصبح معلما ومنا من اختار مهنة الانضباظ والتحمل وانخرط في السلك العسكري ومنا من بنى طريقة بشكل آخر لينظم الى عالم المال والأعمال
عدنا لقريتنا بعد سنين لنروي شيئاً من قصص كفاحنا للاجيال الجديده فاذا بنا نرى الحلم قد بات حقيقه البيوت اصبحت مغطاة وباتت تبنى على احدث الطرز والمعاييروتشتمل على كل وسائل الراحة والرفاهيه من اضاءة واجهزة تكييف واجهزة اتصال والطرق بات معبده بالكامل المنازل تضاء بالكهرباء واجهزة التكييف لايكاد يعلو على صوتها صوت في القريه والمركبات اصبحت من احدث الموديلات والطرزات
ولكن الحلم الجميل بالأمس تحول لكابوس اليوم فباتت الطرق المعبده تاخذ نصيبها من ابناء قريتي الصغيره مابين قتيل وجريح حتى بتنا لايكاد يمر شهر الا على حادثة طريق مأساويه تدفع ثمنها أسرة او أحد أفرادها
ولم تخلف تلك المباني الحديثه ووسائل الاتصال الا أنواع الضياع والخذلان فصار الشباب فريسة سهله بيد بائعي الوهم والخداع ممن أمتهنوا بيع المخدرات والمنشطات
هنا وقفت التفت يميناً ويسارا وأقبلب ناظري وأتمتم بكلمات تملأها الحسره على حلم كنا نراه بعيداً فاذا به يتحقق ويكون قريباً ولم نجني منه إلا الحسره والأحزان
همسه•
ماكل مايتمنى المرءُ يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن