رحيم الخالدي
تتقدم الدول عندما يكون هنالك حرص من المواطن والمسؤول على حد سواء، مما ينتج دولة متقدمة، والدول الحديثة التي قفزت بفعل تصميم وإرادة فعلية، من دولة تعيش حالة من الجهالة والأمية والإنقطاع عن العالم الخارجي، الى دولة متقدمة بزمن قصير! يدل على الوعي بفضل التخطيط الصحيح، وتحقيق حلم كان يراود المتصدر لحقيقة لا يمكن نكرانها، وماليزيا وما شابهها أبسط دليل على وجودها ضمن اللائحة الدولية، من حيث التقييم والتقدم، ولا يمكن مقارنتها بدول ذات تاريخ وحضارة كما العراق، الذي يمتلك حضارة عمرها أكثر من ثلاثة آلاف سنة .
العراق حديث العهد بالعمل الديمقراطي مقارنة بالدول الأوربية، وهذا بفضل الحكومات المتعاقبة طول السنين المنصرمة، ولو كانت الحكومات عملت مع شعبها بإنصافٍ، لما تمكن المحتل من غزوها، وسياسة التجويع والدونية التي تعامل بها صدام في آخر حكومة، ليست إلاّ دليل على الديكتاتورية التي فعلت أفاعيلها، وأنتجت معارضة تعاكس الحكم البعثي، الذي أنتج طبقات في المجتمع العراقي، وكان من الممكن أن تعيش الحكومة والشعب مترفين، مع الوفرة المالية التي لا تمتلكها دول هي متقدمة أكثر، مع وجود قادة عراقيين بإستطاعتهم قيادة البلد لبر الأمان .
الحكومات المتعاقبة في العهد الديمقراطي، وطول السنوات المنصرمة الخمسة عشر، لم تعمل كما كنّا نتمنى! فبمجرد إعتلاء سدة الحكم من قبل المتصدي، إنحرف المسار عن الأمنيات، وبدأ مرحلة بناء دولة عميقة، حالها حال حكومة البعث لكن بنسخة تدعي الإسلامية، مع جذب كل أقطاب البعث! وترضيتهم ومنحهم عطاءآت وإحتواهم، مما أوجد حالة من الطبقية، ولم يكتفي بذلك بل تم تسليمهم مقدرات الشعب المحروم، بالوقت الذي كان عليهم محاسبتهم وفق قانون إجتثاث البعث، ولو كانت على هذه كان أفضل، بل أعفى المجرمين أمثال فدائيي صدام من الجرائم التي إقترفوها، ومنحهم حقوق المظلومين ليتنعموا بها، تاركين المضحين يعانون الأمرين .
اليوم كالأمس حكومة ديكتاتورية بلباس ديمقراطي، ومن تصدر الحكم لا زال يغدق الإمتيازات للسراق ويحميهم، وبين الحين والآخر يقفز ملف فساد لشخوص الحزب الحاكم على السطح، ويتأمل الشعب محاسبة الفاسدين وإسترجاع ما تم سرقته، وبعد فترة وجيزة يتم إخراج ذلك الفاسد السارق من قبضة العدالة، ويتم أمّا تهريبه بطريقة شيطانية، أو من خلال صفقة وينتهي بذلك اللغو المثار حوله، ولا يمكن الإعتراض كون الحكم صادر من القضاء العراقي! الذي أصبح يتهم علناً بأنه ذراع للحزب الحاكم، وكأننا نعيش زمن البعث، الذي تأملنا كثيرا وفرحنا بزواله، واليوم المواطن العراقي قد أيس من التغيير .
دولة تركيا قبل أيام دخلت الإنتخابات، وما أن إنتهى التصويت، حتى خرجت النتائج دون معوقات أو تشكيك في العملية، التي تغاير ما حدث في العراق! وكنّا نتأمل خير بعد نشر المفوضية أمر التصويت وفق الأجهزة البايومترية، حتى ظهرت على السطح طريقة التزوير التي شابت العملية الديمقراطية، وما عزوف المواطنين عن المشاركة، إلا التيقن من الهيمنة من قبل شخوص يتفننون في عمليات التزوير تلك، وما التأخير في النتائج إلا واحدة من تلك الحيل التي برزت على الساحة، وما تلاها إلا اليقين من قبل المواطن، الذي مل من الإعتراض والشجب والإستنكار لتلك الأحزاب، التي مزقت النسيج العراقي مكملين بذلك سياسة حكم البعث .
حرق صناديق الإقتراع في المخازن، التي كان من المفترض أن تكون بأيد أمينة، لا يدل إلا وجود خلل في كل من الطرفين، الذين يتحكمون في مقدرات العراق، من ناحية الجهة التي يقع على عاتقها الحرص على الصناديق بأصواتها، وكذلك السلطة التي تدير البلد، وهذا يأخذنا لنتيجة واحدة لا يمكن القبول بكل نتائجها، لأنها حسمت الأمر بليل مظلم ربي وحده يعرف كيف سيلعبون بمصير الشعب، لا زال يعيش الأمل بعيش رغيد حاله حال دول المنطقة الآمنة، ولا يوجد بديل غير القبول بالنتائج مهما كانت، وعليه الرضوخ للأمر الواقع، والا سنحرق البلد بما فيه !.