ما ان سقط النظام وتولّى الثوار زمام الامور,حتى بادروا الى اعتقال كل من له صلة بالنظام, بالتأكيد استطاعوا الوصول الى كل من هم بالداخل بكل سهولة ويسر,اما الذين فروا الى خارج الوطن فإنهم دفعوا في سبيل ارجاعهم الاموال الباهظة,فالمقامات يهون في سبيلها كل شيء,كيف لا وهي اصياد ثمينة,تمثل خطرا داهما على مسيرة الثورة الفتية,نقلوا لنا بالصوت والصورة مظاهر الترحاب بهؤلاء وحسن المعاملة.

المسرب الينا من معلومات تقول بان ابوزيد دوردة كان صاحب فكرة المصالحة مع ما يسمى بالمعارضة,عمل جهده في سبيل انجاز العمل وعودة بعضهم الى ارض الوطن,والتعويض عليهم عن سنوات الغربة,بل نجد ان النظام قد بالغ في العطف عليهم وكبادرة حسن نيّة,أشرك بعضهم في مؤسسات الدولة التنفيذية برواتب ومزايا جد مغرية لم يتقاضاها اولئك الذين عملوا على مدى 3 عقود ونيف بالداخل,فغالبيتهم (المعارضة)اصحاب شهائد عليا من ارقى المؤسسات العلمية وخبرات نادرة!,البعض منهم سارعوا الى التملق منذ مجيئهم وآخرون آثروا الصمت, لعلهم كانوا يتحينون الفرصة للانقضاض على النظام من الداخل بعد ان ادخلهم في منظومته وأصبحوا على دراية تامة بكل شيء.

احيل الجميع الى القضاء العادل حيث قال كلمته,فمنهم من حكم عليه بالإعدام وآخرون بالأشغال الشاقة,إلا ان اللافت للنظر ان أي من احكام الاعدام لم تنفذ بأصحابها,اما لعدم وجود سلطة عليا للتوقيع على احكام الاعدام,وإما ان المضيفين ارادوا التفضل على هؤلاء بمنح كل منهم (حياة) جديدة.

لقد كافأ الثوار ابا زيد,دخل السجن سليما معافى وبعد برهة شهدناه يتكئ على عكاز,رجلاه لا تقويان على حمله,ربما حاول الخروج خلسة من مضيفيه بعد ان اكرموا وفادته فأصابه ما اصابه,فأبوا إلا علاجه على نفقتهم,طال به وبزملائه المقام,تدهورت احوالهم,رقّت قلوبهم لأحوال ضيوفهم,فسارعوا الى السماح لهم بمغادرة قصور الضيافة,ليكونوا بين اهلهم وذويهم وقد يسمح لهم بالعلاج في الخارج.

انها عيديه من نوع آخر لأنصار النظام,وُهب كل منهم حياة جديدة,بعد ان كان قاب قوسين او ادنى من مغادرة الحياة الدنيا الى الحياة الابدية,نمرود ابراهيم لم ينقطع نسله,بل يعيشون بيننا,فالليبيون جد محظوظون,بالنسبة لبقية الليبيين فقد بادر هؤلاء بتقديم عيدية من خلال الهجوم على منابع على النفط وموانئ تصديره,فرغم تعدّي سقف الانتاج المليون برميل يوميا إلا ان الحالة الاقتصادية للمواطن في تدهور مستمر فلا باس من وقف الانتاج والتصدير ليبقى في باطن الارض بدلا من اهدار ايراداته فيما لا يعني.

هنيئا للـ(مفرج) عنهم بالرجوع الى ديارهم بعد طول غياب,وبالتأكيد سيبهرون بما تحقق خلال السنوات الماضية ويكحلون اعينهم بمخلفات الحرب التي لم تتم ازالتها لتكون شاهدا على الانجازات,وكذا اكداس القمامة المنتشرة بكل الساحات والميادين والأزقة,وأصوات مولدات الكهرباء التي تشنف الاذان,والطوابير امام المصارف والمخابز ومحطات توزيع الوقود وأماكن بيع السلع المدعومة.

هنيئا لمتصدري المشهد بهذا الشعب الصبور الذي يتحمل كل شيء ولم ينبس ببنت شفه,ايمانا منه بان التغيير نحو الافضل والقضاء على الديكتاتورية ليس بالشيء الهيّن,فإزاحة النظام استوجبت تحالف قوى اقليمية ودولية,وان الخير آتٍ يزحف حثيثا ليعم ارجاء البلاد وان بعد حين,وسينعم البلد بالأمن والأمان,ولتذهب سنوات الذل والمهانة الى غير رجعة.