"
قرأت عبارة تقول " لاتكبر ، إنهُ فخ "
قرأتها بعد فوات الأوان ،
بعد أن تجاوزت العشرين ،
بعد أن أدركت فداحة العيش والحياة ...
بعد أن تجرعت مرارة المواقف والظروف والأشخاص ...
وها أنا أكتب الآن من الفخ ، من الأيام التي لم اتخيل أبداً بأني سأواجهها ...
أشعرُ دائماً بالخوف ، أخاف أن تضيق علي الحياة بما رحبت إلى أن أفكر بالموت ، وكما تعرف بأن علاقتي مع الموت والحياة أكثر تعقيداً من مسائل الخوارزمي الحسابية ...
لا أحب الحياة ولست مهووسة بها ولكنّي أخاف من مغادرتها ، تُخيفني ديمومة الأشياء بعد رحيلي ، تُخيفني الحياة الأخرى التي سأعيشها بعد موتي ،
في المقابل ، أنا أتقبّل فكرة الموت ، أفكّر بها ، أشعر بأن الموت هو الحل الأخير للتوقف عن ممارسة كل هذا الهراء ...
لذلك دائماً لدي الرغبة بأن أكون شجرة ، بدون انتماءات ، بدون محاولات قاسية للعيش قسراً ، بدون فكرة العيش الأبدية والخوف المبالغ من الموت ، يُقصم ظهري في احدى الصباحات بفأس الحطّاب وينتهي كل شي ، أموت ، اتلاشى ، انتهي ....
" لاتكبر ، إنه فخ " ..
لا أعلم كيف اتعامل مع هذا الفخ ، أو كيف أخرج منه ، كل ما أعرفهُ بأن هذا الفخ مُخيف ، طويل ، مُتعرج ، تائه ، بائس ، سوداوي ، مُظلم ، كئيب .
ولا مخرج منه سوى الموت ..
الموت الذي يُخيفني وأحاول البحث عنه ، يخيفني الفناء مثلما اتمناه لذلك أحاول أن اتواجد دائماً ، أن اؤدي عملي واتحمل مسؤوليتي ، أن أكتب في مكانٍ ما ، أن أترك رسالة لشخصٍ عابر ، أن لا أجرح احداً و أكون ذكرى لاتُنسى لأنها الطريقة الوحيدة لتخفيف وطأة الرحيل ..
لذا أحاول أن أكتب لك بلطف بينما أنت تكتب كلمات حادّة كحافة الحياة ، ولأنني سأموت حتماً في يومٍ ما لا تهمني كلماتك التي تفتخر بقذفها علي كقنابل عدو ، لأنني سأموت أو تموت أنت وفي كلا الحالتين ستندم "...
أثير آل واكد ..