A
Abdalla algarabawy

Look inside my pants

مدة القراءة: 3 دقائق

"كوازيمودو"

Image title

• أعتقدُ أن الناسَ لم تفهم ما كنتُ أفعلهُ في مركز تدريبِ الفرق الموسيقيه ذاك ، لم أكن هناكَ لتدريبِ و تعديلِ سلوكِ كلِّ من يأتيني و يُلَوِّحُ عِصيَّ الطبولِ أو جهازِ الساكسفون أو البوقِ بيدَيْهِ مثلَ الأحمق ، و يقومُ بإسْحارِ آذانِ الناسِ عديمي الذوق الموسيقي ببعضٍ منَ النوتاتِ الهزيلة و بعزفهِ كالهواة ،  ليأخُذَ و ينعمَ ببعضٍ من ضجيجِ الشهرةِ الَّتي لم يكن يستحقُ أن يشتمَّ رائحتُها من الأساس ، كلُّ هذا لأنَّ مُتدربٌ لا يفقهُ شيئاً عن الموسيقى أثناءَ تدريبهِ بعدَ عزفِ مقطوعةٍ تاريخيةٍ مذهله بطريقةٍ رثَّه يخبرهُ مدربه الساذج ... ، "أحسنت" ...، و يشجعه ! ، هل تمزحُ معي ..."أحسنت" ؟؟؟!!! ، تلكَ الكلمةُ بالنسبةِ لي أسوءُ من إمساكِ بزوجتي تقومُ بخيانتي في الفراش ، كأنَّكَ تُخبرهُ أنَّ أدائكَ الحقيرَ هذا أعجبني ، إستمر ، و بعدها ... boom ، موهبةٌ قد ماتت ، "موهبةٌ" كانَ من الإمكانِ أن تتحسن ، أن تصبحَ شيئاً ، لكنهُ تم تسهيلُ الطريقُ و الأمورِ لها و تشجيعُها عوضاً عن سَقلِها و تعنيفِها و تشْكيلِها ،  لِتَغْتَرَّ بنفسِها ،  لتُصبحَ ثابتةٌ مكانُها بلا حراك ، دونَ إحرازِ أيِّ تقدمٍ مهما حَاوَلَتْ ، ولن تصلَ لشيءٍ في حياتِها ، لم أكُُن طوالَ تلكَ السنواتِ هُناكَ أُزاولُ هذهِ المهنه لأقُومَ بتدريبِ كلُّ من يأتي و حسب ، بل كنتُ هُناكَ لأقومَ بدفعِ الناسِ لِما وراءِ ما يتوقعونهُ عن أنفسِهم ، لأجعلهُم يتفاجئونَ من أنفسهم ، و كُنتُ أؤمِنُ أن هذا ... كانَ ضروري ، أجل كنتُ عنيفاً و عديمَ الرحمه و لا أُجاملُ و أُحَمِّلُ الجميعَ ضغوطاتٍ جسديه و نفسيه ، لكنِّي أفعلُ هذا لأني لا أريدُهم أن يُصبِحوا مُجرَّدَ عازفينَ مشهورينَ فحسب ، بل أُريدهم أن يُصبحوا التَّغييرَ الجذري الجديد في هذا العالم ، الإبداعُ كان و مازال و سيبقى وليدُ الألمِ و الإحباطِ المستمر من كلِّ من حولك حتى أهلُك ، و ليسَ التشجيعُ و الحِنِّيه و لا تقلق الجميعُ سوف يقفُ بجانبك ، هذا كلهُ هراء ، عِوضاً عن هذا ، بهذهِ الطريقه المُدلَّلة نحنُ نقومُ بحرمانِ العالمَ من "نيل أرمسترونج" القادم أو "آل باتشينو" القادم ، أو "تشارلي باركر" القادم ... ، هل أخبرتُكَ قصةَ كيفَ أصبحَ تشارلي باركر ... تشارلي باركر الَّذي يعرفهُ كلَّ عازفٌ موسيقي على وجهِ الأرض ؟! ... ،

● ( مجهول :- سَمعتُ أن مُدرِّبَهُ قامَ بإلقاءِ حاملِ الكتاب الموسيقي على رأسه ؟! )

• بالظبط ، باركر كانَ شاباً صغيراً مثلَ أي شاب ، عازفٌ عاديٌ على أداةِ الساكسفون ، جاءَ دورهُ في مرةٍ ليعزفَ مقطوعةً موسيقيه في جلسةِ تدريبٍ في تجاربِ الأداء ، و أخفَقَ تماماً و قامَ بتشويهِ المقطوعةِ الِّتي كانَ يعزفُها ، و كادَ جونز مدرِّبُ و مشرفُ المسرح أن يقتلِعَ رأسهُ بالحامل الَّذي ألقاهُ عليه ، و ضحِكَ عليهِ جميعُ من على و المسرحِ و خارجُها و أسفلُها و من في الكواليس ، ذهبَ إلى منزله ، قامَ بالبكاءِ حتى النَّوم ، و أصبحت أملاحُ دموعِهِ ممزوجةً بقُطنِ وسادته من الداخل ، و في صباحِ اليومِ التالي ماذا فعل ؟! ... قامَ بالتدرُّب ، و التدرُّب ، و التدرُّب ، مع هدفٍ واحد فقط في عقله ، ألاَّ يتِمَّ الضحِكُ عليهِ مُجدداً ، و بعد سنة ، عادَ إلى المسرَحِ مرةً أخرى في رينو في نيفادا ، و صَعِدَ فوقه ، و قامَ بعزفِ أفضلِ مقطوعةِ ساكسفونٍ لعينةٍ قد سمِعتها البشرية ، تخيل معي لو قالَ لهُ جونز ، [ "أحسنت" ، كانَ هذا جيداً يا تشارلي ... لا بأسَ بذلك يابُني ] ، عِندها سيقولُ تشارلي لنفسه ، [ حسناً لقد قُمتُ بعملٍ رائع ، مُستوايا هذا قد أعجبهُم ، عملٌ رائع يا تشارلي ] ، نهايةُ القصة ، تشارلي باركر أسطورةُ الجاز ، الملقَّب بالطائر ، لم يكن ليُصبحَ موجوداً بدونِ الألم ، و هذا بالنسبةِ إلي ... كانَ ليكونَ مأسآة ، أتعلم ، ليس هناكَ كلمةٌ في اللغةِ العربية أسوءُ من كلمةِ "أحسنت" ، لكن هذا ما يريدهُ العالمُ الأن ، أن يصِلوا و يحصُلوا و يُصبِحوا ما يريدونَ بدونِ معاناةٍ و دمارٍ نفسيٍ و إنكسارٍ مستمر ، و يتسائلُ الجميعُ لما موسيقى الجاز تموت...
Written by : Abdalla Algarabawy

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات