المسلسل الذي ليس له نهاية .

رحيم الخالدي

بعد جهدٍ جهيدٍ ونتائجْ إنتخابات وُصِمَتْ بغير النزيهة، يَعصِفُ العراق خبرٌ لم نكنْ ننتظرُه! وهذهِ المرة جهةٌ كان المفروض منها أن تكونَ محايدة ونزيهة، لكنْ أثبتتْ التحقيقات الأولية أنَّ المفوضية عبارة عن جهات سياسية، تتحكم بمصير بلدٍ يُراد بهِ الدخول بمنزلقٍ خطير جداً، ليُصار إرجاعهِ لعهُدة الأُممْ المتحدة، وكأن الفترة المنصرمة لم نستفد منها، وكان المفروض الإستفادة منها بأي شكل من الأشكال، ليصار النهوض وبناء دولة حسب البرامج، التي طرحتها بعض الكتل التي تريد النهوض بالواقع العراقي، والذهاب لشاطئ الأمان والتخلص من السنين العجاف، الذي ذهب بنا لفساد كل المؤسسات، بما فيها النزاهة التي لم نسمع أو نرى يوماً أنها حاسبت أو أرجعت أموال تمت سرقتها، ممن كان يتحكم بمصير شعب عاني من البعث، ولا زال يعاني من سطوة الأحزاب التي لم تترك ركن الا وزرعت مفصل تابع لها للإستثراء وبأي طريقة كانت .

الجهاز الجديد الذي تم إستيراده على أن يكون الكترونياً، وصُرِقَتْ عليه أموال ليست بالهينة، ولا يمكن التلاعب به، يبدوا أن هنالك تماهل من قبل الجهات المستفيدة، أن يكون الحال كما هو عليه، والتزوير الذي شاب الإنتخابات كان مقصوداً لتخريب العملية الديمقراطية، يضاف له العزوف من قبل المواطن عن الإدلاء بصوته، إنما يمثل الملل الذي أصاب المواطن، حيث ذهب به أنه حتى لو صوت لغير الأشخاص الذين يتربعون على الكراسي، سيذهب بالأخير لهم وهذا العبث بعينه، والإنتخابات الفائتة وما نتج عن صعود أشخاص لم يسجل لهم أكثر من خمسمائة صوت، وقد تربع على عرش لا يحلم في يوم من الأيام الإمساك بمنصب سكرتير في أي مكتب من مكاتبه، والأمثلة كثير نتجنب ذكر الأسماء كي لا تكون مقصودة لشخص دون الآخر، وهذا سبب من عدة أسباب جعل عزوف المواطن من الإدلاء بصوته بغية التغيير الذي لابد منه .

يوماً بعد يوم تنكشف ملفات تقشعر لها الأبدان، ومن شخص كنّا نعول عليهم بتخليصنا من سنوات الألم والعوز، وقوافل الشهداء والعوائل التي فقدت أعزتها، وتُرِكوا ليواجهوا مصيرهم المحتوم، الذي أذاقهم أقسى أنواع العذاب والذل والحرمان من أبسط مقومات الحياة، والحقوق اليوم أصبحت بمهب الريح وصعبة المنال، بل تحولت لإستجداء الا من هم من أقارب أصحاب القرار، فهم لهم كل الامتيازات والسفر والإستطباب والسفرات والتنزه في أوربا! وباقي المنتجعات السياحية ليرفهوا عن أنفسهم بعد عناء العمل، الذي لا يتعدى التوقيع والإطلاع، بينما يرزح أبناء الوطن تحت وطأة الحصار، الذي حرمهم من أبسط مقومات الحياة، فالبطاقة التموينية إنخفضت الى أربعة مواد غير متوفرة بعد أن كانت على عهد حكومة البعث أكثر ما نحصل عليه اليوم بعد التقليص، ونقص الكهرباء الذي تحولت الى همّ لا يمكن حلّه بأي طريقة، بعد صرف المليارات عليها! وإنقطاع الماء المتكرر عن المنازل هم كل العوائل، والأمن المنعدم جراء الإختلافات السياسية يُداهم الأسواق بين الحين والآخر الخ .

الإنتخابات إنتهت، والنتائج ظهرت، وإن كانت هنالك بعض العوائق، التي شابت العملية الإنتخابية والتزوير حسب التصريحات، لكن لابد من تشكيل الحكومة، وأتمنى حضور الشروط التي سيعمل عليها الرئيس الجديد للوزراء، أولها محاسبة الفاسدين، وإحالتهم للقضاء، كما عمل رئيس وزراء أحد الدول الاسيوية أخيراً، حيث إسترجع كل الأموال التي تمت سرقتها بخمس أيام! وأحال كل مفاصل الفساد للمحاكم، ولا يهم أن كان الشخص المحال رئيس حزب أو كتلة أو تيار، وعلى المواطن الإنتباه وعدم الإنجرار خلف الشخوص الفاسدة والدفاع عنهم، بل أتركوا القضاء يعمل بما تتحتم عليه مصلحة البلد، وإلا سنذهب الى المجهول، ونكون لقمة سائغة للمحتلين والإرهابيين بعدما تم تحرير العراق من سطوة الإرهاب إثر الفتوى التي قلبت الموازين، والدول التي كانت تريد بنا للهاوية، أصبحت تحسب لنا اليوم لنا الف حساب قبل القيام بأي خطوة .

يبدوا على هذه الآلية أننا لن نخرج من النفق، الذي شَغِلَ القيادات النفعية، التي لا هم لهم سوى كيفية بناء إمبراطورياتهم من أموال المواطن العراقي المسكين، الذي مل من التظاهر والشجب والإستنكار، والتصريحات التي يلقيها المسؤولين لا تتعدى التصريح، الذي يدلي بها وينتهي الأمر، ليصار وضعه مع بقية الملفات التي أكلها التراب، وهي تنتظر رجل صاحب قرار وملكة ليحول العراق الى بلد يوازي بلاد المنطقة، ويحاسب ويسترجع كل السرقات التي تم تهريبها خارج العراق، ولا أريد أن أذكر أن العراق يمتلك ما لا تمتلكه بقية الدول، فالباري حباه دون البلاد بكل شيء، وهذا المسلسل لابد وله من نهاية من حيث بدأ، وإلاّ هل نستورد شخوص من خارج البلاد؟ ليديروا دفة الحكم! فبالأمس كنّا نحن العراقيين أصحاب الخبرة والعزيمة، فما الذي حولنا لما نحن فيه اليوم! .