التباس في زمن الارهاب!؟
(قصة اختلط فيها الواقع بالخيال الطريف والوسواس المخيف!؟)
أتذكر !؟
أتذكر في العام ما قبل الماضي 2015، في الايام التي تلت العمليات الارهابية التي نفذها تنظيم (داعش) الإرهابي في لبنان ثم في فرنسا أنني ، وبينما أنا في المقهى هنا في مدينة (شفيلد) حيث أقيم ببريطانيا أتناول قهوتي في أمان الله واقوم بنقل نصوص محاولاتي الأدبية والشعرية القديمة من اوراقي وكراساتي العتيقة الى جهازي المحمول استعدادا لتنقيحها وتطويرها ثم نشرها لاحقا، وبينما أنا كذلك ، اذ دخل للمقهى فجأة شخص ملتح ذو ملامح شرقية شبه عربية يرتدي ملابس افغانية ويضع على ظهره حقيبة ظهر سوداء !!، وما أن رأيته حتى انطلقت فجأة صافرة الانذار في احدى دهاليز دماغي البعيدة !! ، ثم مع قرع جرس الانذار في رأسي سمعت صوت مسؤول الطوارئ وضابط التحوطات الأمنية في دماغي ، وبعد أن قفز واقفا على رجليه من على احد كراسي عقلي ، وهو يصيح في انفعال شديد ويلهث من شدة الفزع، وبصوت حاد وصارم كما لو أنه رئيس فصيل عسكري في الميدان صاح في جنوده : "انتباه ! ، انتباه !".
فداهمني شعور بالصدمة كحال النائم الغافل حينما يقوم البعض برش كوب من الماء البارد على وجهه على حين غرة ! ، فقلت مصدوما في ارتباك :
- بسم الله الرحمن الرحيم ! ، ماذا هناك !؟، ماذا دهاك!!؟.
- كيف !؟؟ ، ألم تلحظ دخول هذا الشخص الغريب المريب للمقهى يا رجل!؟.
- بلى ، لقد شفته ! ، ما به!؟ ، و مالنا وماله!؟، أنا في حالي وهو في حاله !.
- والله بصراحة أنا غير مرتاح له !!.
- لماذا !؟ ما خطبه !؟.
- يا عزيزي ماذا لو كان هذا الشخص من الجماعة اياهم !!؟، انظر الى شكله وهيئته!.
- أية جماعة !!؟؟.
- اقصد الارهابيين الذين نفذوا العمليات الارهابية خلال الايام الماضية في لبنان وفي فرنسا !.
- ماذا تقصد بالضبط !؟، لم أفهم !.
- أقصد ما الذي يضمن لك أنه ليس منهم !؟ ، ماذا لو كان من أنصار طالبان أو داعش وقد جاء للمقهى لأنه مكلف بتنفيذ عملية ارهابية انتحارية كما جرى في لبنان وفرنسا الأيام الماضية!؟، هب أنه كذلك ماذا عليك أن تفعل !؟ .
- اعوذ بالله !! ، والله ان كلامك هذا يخيفني!! .
- يا عزيزي ، من خاف سلم ! ،
- ولكن ما هو دليلك ؟! ، إن بعض الظن اثم !.
- هههههههههه ! ، يضحك ضابط الشك والعمليات الأمنية في عقلي بسخرية مليا ثم يمضي يقول في تهكم : حسنا يا سيد سليم ! ، بعد أن ينفذ هذا الارهابي العملية ويفجر قنبلته في المقهى وتصبح انت في خبر كان ابحث عندها عن الدليل !؟ ، ودع عندئذ حسن ظنك ينفعك ويعيدك للحياة وإلى زوجتك وولدك الوحيد من جديد!.
- ماذا تقصد !؟.
- أقصد ، صحيح أن بعض الظن إثم ولكن بعضه الآخر حكمة ووعي وفطانة ! .
- حرام عليك!، فقد شككتني في الرجل وجعلت الفار يلعب في ثوبي وفي قلبي معا!.
- انت حر ولكن أنا مهمتي هي أن أنصحك واحذرك من الاخطار المحدقة بك ثم أنت قرر، وعقلك ميزانك ! ، ثم بالله عليك واحد متدين ومظهره مظهر واحد سلفي لماذا يدخل لمقهى فيه موسيقى واختلاط نساء برجال ومحاذير شرعية حسب فهمهم للشريعة !!؟؟ ، ماذا يفعل شخص متدين هنا بالضبط هل تحولت المقاهي الى معابد!!؟، صدقني يا صديقي ، الموضوع فيه إن !!!؟.
- لا حول ولا قوة الا بالله !! ، قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا !.
- صحيح ! ، ولكن الأخذ بالأسباب واجب شرعي وعقلي !.
- والله انك ارعبتني وجعلتني اشك به فعلا ! ، هل تعتقد انه بالفعل جاء لهذا المقهى لتنفيذ عملية ارهابية انتحارية!!؟؟ .
- هذا وارد لحد كبير !.
- هل تعتقد انه سيفعل ذلك !!؟؟.
- ولم لا ؟ ، الم ترى ما حصل في بيروت وباريس الأيام الماضية !!؟.
- أتعني أنه يحمل معه في حقيبته قنبلة !!؟.
- وما المانع !!؟؟ ، ربما يكون يرتدي حزاما ناسفا ايضا ! .
- يا ساتر !! ، اعوذ بالله !! ، والله انك اخفتني جدا يا هذا ! .
- من خاف سلم ! ، الا تلاحظ أنه بين الفينة والأخرى يقوم بترتيب بعض الاشياء داخل الحقيبة وهو يتلفت في ارتباك ذات اليمين وذات اليسار !؟.
- وماذا يعني ذلك !؟.
- يعني انه يقوم بتجهيز العملية !!.
- أتظن ذلك !!؟.
- نعم ! ، فقط عليك أن تنظر الى بعض تصرفاته الغريبة والمريبة وذلك العرق الذي يبلل جبينه وذاك الارتباك الذي يعتريه كلما قام بالنظر الى داخل حقيبته !؟ .
- لا حول ولا قوة الا بالله ! ، والله إن كلامك صحيح !؟ ، فتصرفاته تدل على أن وضعه غير طبيعي !.
- شفت !؟؟ ، شفت بعينك الآن يا سي سليم !؟ ، ألم أقل لك منذ البداية !!؟ ، ألم اخبرك ان دخول هذا الشخص المريب غريب الأطوار لهذا المقهى هو شيء غير طبيعي أصلا !!؟ ، العملية واضحة يا صاحبي!، فالله عرفناه بالعقل ! ، فهذا الشخص متطرف داعشي دخل لهذا المقهى لتنفيذ عملية ارهابية انتحارية !.. والتي ستكون حضرتك ، بعد عدة دقائق ، من ضمن ضحاياها المساكين!، فليرحمك الله وليكن في عون زوجتك وولدك الوحيد !!!.
نشرت بتاريخ:
08/06/2018