كرهتُ الشفَقَةَ كما أكرهُ كلَّ من حولي ، وأصبحتُ أعاني من الكُبْرِ والغرور و الإنطواء ، لازلتُ أسيرُ نحوَ الحرية ... بل أركضُ ولا أتعب ، ... لا يهمُّني رأيُكي و نَقْدُكي الساذجُ في نفسي فكم أحببتُ تفاصيلَ تعقيداتها يا عزيزتي ، أصبحتُ ولهاناً بالموت ومختنقاً بالوجود ، و في ذاتِ الوقت أغضُّ عينايَ عن الإنتحار، فهو إنكسار وخساره بلا أضرار وأنا اكرهُ ذلك... واللهِ أيضاً أكره ذلك ، أصبحتْ موسيقتي هي عالَمي ، ملاذي ومنزلي ، إستفتيتُ قلبي فيها فأحببتُها ؛ ولا أتمنى إستِبدالَها و تيقَّنتُ أنَّهُ لن تأتي من تأخذُ مكانَتُها عندي ، ولكنها أتتْ ! ، سَكَنَتْ روحي أياماً وأسابيعاً و شهوراً ، وفي عشيةِ ليلةٍ و ضُحاها بل ساعاتٍ تدرجت إلى دقائقٍ و ثوانٍ أصبحتْ أثقل و أطول ... رحلتْ بكُلِّ بساطةٍ و بدونِ سبب ؟؟؟!!! ، تركتني وحدي ، تفترسُني الوحده ، ذَهَبتْ لباقي البشر و إندَرَجتْ مع سعادتِهم الخدَّاعه ، أُعذُرْها فهي إستطاعتْ أن تتحملَ خيانتهُم جميعاً من قبل ، فكيف لها ألا تتحملَ خيانةَ نفسها ، لم تستطِعْ أن تتحملَ الإهتمامَ و الولاء ، كانا غربيينِ عليها ، أرادتْ ما إعتادتْ عليه ، الإهمال.
• سِرتُ في شوارعِ تلكَ المدينةِ الصاخبه ، على سواحلِها البارده أستمعُ لرَجيفِ أمواجه ، و أتنشقُ رائحةَ جيفِ الأحلام الضائعةُ بِقاعه ، فكرتُ كثيراً ، تَحَطَّمَ قلبي ، وإنفَطَرَ عقلي معهُ إلى السماء ، عُدْتُ راكعاً إلى عادتي القديمه ، أصبحتُ أبحثُ و أتتبَّعُ النجومَ مجدداً ، كانت هي كلُّ خرائطي الوحيده للبحثِ عن سديمي الضائِعُ بينَ المجرات ، وجدتُهُ يحاولُ الهرُوبَ و الخروجَ موهوماً دون جدوى إلى أعماقِ ثُقبٍ أسود ، مُعتقِداً أنَّهُ الثُّقبُ الدودي ، أنَّهُ ما سيَنْقِلنا خارِجَ الخريطه و إلى عالَمٍ جديد و جريء ، ولا أعلم كيفَ لم يرى سَوادَ ذَلك الثُّقبِ الأسود ، الَّذي أصبحَ مثلَ أيامي ، تَسحَبُكَ حتى وأنتَ سريعٌ كالضوء ، تُحاول أن تُياسِرُها ، وعندَ نُجُوِّكَ تبدأُ بالتباطىءِ عليكَ حتَّى تَشْعُرَ بالتمزُّقِ في كلِّ أرجاءِ مشاعِرِك.
• وها أنا هُنا ذا ... في هذا الجُرمْ ، على بُعدِ ملايينِ السنين الضوئيه عن موطني المجهول ، أكتبُ رسالتي ، وأعودُ لجسدي و نفسي البغيضةُ مرةً أُخرى...
Written by : Abdalla Algarabawy