( حُرَّاس الظلام ) / تسجيل "إيميرالد هيرالد" رقم DS231 ::؛- الفصل الأول بداية الفصل الرابع"
لا يا عزيزي حتى وإن لم يصدر القرار منذُ سبعِ سنوات ، كنتُ سأستقيل ، و أتوقف ، فلم أعد أصلُحُ للعدالة ، أنظر إلي ، لقد حَفَرَ الزمنُ بصمتهُ على وجهي بأدقِّ تفاصيلُهُ كالفنانين المعصارين ، رأيتُ مصيري ، هو منزلي ، الإختفاءُ التام ، كي لا أَلقى نفسُ مصيرِ بني قومي ، كانَ هذا الطريقُ الوحيد للبقاء على قيد الحياة ، و أُكمِلَ مهمتي الوحيده ، بتربيةِ إبنتي الَّتي أصبحت دفينةً تحتَ الترابِ بعيداً عن حُمَّى الجشع الَّتي إنتشرت و أصابت الأرضُ و جميعُ سُكَّانِها ، أردتُها أن تحيا بعيداً عن الخطر ، طريقُ العدالةِ و تطبيقُها بيدَيْكَ العاريتَيْن ليسَ سوا جحيمٌ لا يعلمُ أحدٌ غُلْظَ مسؤوليته و قُبْحَ مَسْلَكه ، أردتُ قطعَ ذلك الخيط الرفيع ، فأنت تعلمُ جيداً خباياه و لم يرى أحدٌ شيئاً بعد ، فقرارُ منعِ نشاطِ أصاحبِ القوى الخارقة بسببِ الفوضى التي يحدثوها بغير إرادتهم من دمارٍ و تهشيم أثناء عملهم و منعِ الفسادِ بكلِّ صوره ما هو إلا البدايه ، و تدَّعي الحكومةُ ردعَها للفسادِ بنفسِ قُدْرتِنا و تأثيرِنا و عدمُ حاجتهم لنا ، و الغبيُّ من يُصدِّقُ تِلك الكذبة الجميلة ، و لم يدري أنهم منبعُ كُلُّ خرابٍ تَجلَّى على رؤوسِنا ، الأمرُ لا يحتاجُ إلى عبقريٍ كي يُدركَ أن العالمَ تجتاحُهُ المشاكل ، نعم أصبحتُ وحيده ولم يكن الزمن وحدهُ فقط من زارِني و تركَ أثرَهُ علي ، ففي النهايةِ رغمَ قواي انا مريضه ، أتعرفُ النَّوعَ الَّذي تتحسنُ منه خلالَ فتره ، هذا ما لم أُصَب به ، و ها أنا جالسةٌ مكاني طيلةَ هذه السنوات ، أُداوي جروحي الملتئمة ، أُواري آلامي عن الجميع ، أُصارِعُها وحدي ، كنتُ بطلةً خارقه تُحاربُ الجريمة و تَفُضُّ الأزمات فكيف لا يُمكنُني أن أحُلَّ مشاكلي الخاصة ، لكن أنظر لمن تَملَّكَتْهُم مشاكلُهم و أمْسوا مُستسلمين ، خائفين ، مُبتعدين ، يصرخونَ للحرية و العدالة ، أجل أيتُها الحرية ، أجل أيتُها العدالة ، هل سمعتم و لبَّيتم نداءَ من توسَّل إليكم و هولُ الدماءِ يُغَطِّيه من الداخلِ و الخارج ؟! ، لِتَظْهَرَ فيالقٌ جديده من عُمقِ الظلام ، تغزوا جميعِ بقاعِ الأرض ، الجماعاتُ السوداء و من مِثْلُها ، مُحاكينَ لنا ، يطبِّقون العدالةَ و جميعُ الحمقى مُصَدِّقينَ هذا الهراء ، أن حُرَّاسَ الظلامِ هؤلاء ليسوا من جهةِ مُسببينَ فاجعةَ عمليةِ الإبادةِ و التطهير منذُ أكثرَ من 5 سنوات و إنما جماعةٌ مُشتقة تتمردُ على نظامِ الحكم و لا يدرون ؛، أنهم مجردُ ستارٍ من جهتهم لما هو أعظم ، و أصبحَ جميعُ الأبطالِ منقطعون غير سائلون ، جبناء لا يَفْرِقونَ شيئاً عن العبيد ، أهذا هو ما يحدثُ لنا ؟! ، لا وقتَ للأصدقاء ؟! ، أعداؤنا فقط من يتركونَ لنا الورود ، حيواتٌ عنيفة تنتهي بقسوة ، الحالُ كما تُرَدِدُ دائماً يا "نِيوت" ، نحنُ كُنَّا حِمايةُ المجتمع الوحيدة ، تظنُّ أنُّه من الأشرار ؟! ، هل تمزحُ معي من أنفسهم ، و ماذا حدثَ لنا بحق الجحيم ؟! ، أين ذهبَ حُلمُ تحقيقِ التوازن و العيشِ بسلام ؟! ، حسناً لقد تحقق ، أنت تنظرُ إليهِ الأن. ، إخترنا جميعاً أن نكونَ محاكاةً ساخرة لنكته ، سمعتُ نكتةً ذاتَ مره ، ذهبَ رجلٌ طيب إلى طبيبٍ نفسي ، يَشكي لهُ عن حاله البائس ، الحياةُ تبدو خَشِنه و قاسية ، يَقولُ بأنَّهُ يشعرُ بالوحده في عالمٍ مهدد ، الطبيبُ يخبرهُ أن العلاجَ سهل و ميسور ، يُعطيهِ العلاج و يطمئنَه و يلقاهُ في نفسِ الموعد الأسبوعَ القادم ، في اليوم التالي يأخُذُ الرجل الطيب جريدةَ الصباح و يقرأُ عن إنتحارِ طبيبٍ نفسي في أواخرِ الاربعينيات في منتصف الليل قُبَيْلَ تعاطي جُرعةً زائدة من مضادِ الإكتئاب ، الجميعُ لا يريدُ أن يرى الصورةَ الكامل لا يردونَ سوا أن يستمعوا إلى ما يؤمنونَ بهِ بالفعل ، لا يريدونَ معرفةَ الحقيقه ، أقوى مخلوقاتِ الكون "نحن" لا شيءَ سوا دُمى ، نحنُ جميعاً دُمى يا "نِيوت" ، لكني الدُّميةُ الَّتي ترى الخيوط ، كنتُ أولَ من رأى من لم يرهُ أحد و لم يُصدقوني ، في مثلِ عُمري كلُّ يومٍ يصيرُ أَظْلَمُ عن سابِقه ، لكنَّ الماضي ... حتى الأجزاء القذره منهُ ، يزيدُ بَريقُها أكثر ، الأشياءُ الجميلة قاسيةٌ في مُجمَلِها يا عزيزي ، و ستقصِفُ و تعصِفُ كلُّ المصائِبُ على الظالمِ و المظلوم على حدٍ سواء ، كُنَّا خليطاً من الإثنين ، و دائماً ظَننا أننا من سيضحكُ أخيراً...
Written by : Abdalla Algarabawy