( الحُرَّاس ) / تسجيل نيوت رقم CB196 ::؛- الفصل الأخير قبل الفصل الرابع"
التاسع عشر من آذار / 1986 ، قد مرت 7 أعوامٍ منذُ أن صَدَرَ حُكْمُ إيقافِ نشاط الأبطالِ الخارقين و ذوي الأقنعه و من يُطَبِّقُ العدالةَ بيديْهِ العاريتَيْن و كلُّ ما له صلةٌ بهم من قدراتٍ على غير الطبيعه ، مُنْذُ صُدورِ هذا القرارِ في الحادي عشر من أيلول / عام 1979 ، كُنتُ أعلمُ بمجيءِ هذا اليوم ، تلكَ الخطوةُ المقلقه لن تَعودَ على سُكَّانِ هذهِ المعمورةِ إلا بالشُّئْمِ و التَّعاصي و الإرتداد بما كانوا يَتَصَنَّعون ، و لم تَعُد علينا نحنُ إلا بالهروبِ منهم قُبَيْلَ إندلاعِ الحرب الأهلية بيننا في الثاني من تموز / عام 1980 ، من كانَ مِنَّا تَحَالَفَ مع الحُكُومةِ تأييداً لقرارِهِم الدستوري الجديد برؤيتِهم العمياء لغدٍ مشرق ، و من تَحَالَفَ خَوفاً من مصيرٍ يعلمُ كلُّ الجِدِّ بملامِحُه ، و من كانَ في الأساسِ خائناً يَمْقُتُ بني جِنْسَهُ منتظراً قدومَ تلكَ اللحظةِ بفارغِ الصبر ليتدنَّى و يُطالِب بحقِّ التَّبْجيلِ و العظمة ، لِيظهَرَ في الأُفُقِ فيالِقٌ جديده تَحْرُسُ ظِلالَ من إستحقوا التَّعذيبَ الفعلي وسَطُنا. ، من قُتِلَ ظُلماً بِدمٍ باردٍ ، من هَرَبَ خوفاً مِمَّا كانَ يوماً يُحيطُهُ بِذِراعِهِ حمايةً له و لِنَسْلِهِ ليخْتَبِىءَ وَسَطَ هولاء المنافقين ، من أَخَذَ رصاصةَ الرحمةِ حمايةً لهم لينْعَموا باللَّذاتِ و يُمارسوا الجنسَ مُسْتَمتعينَ خائنينَ أزْواجِهُم في سلامٍ و وئام ، و من كانَ يُطَبِّقُ العدالةَ في الخفاءِ ليكشِفَ و يتحرَّى و يأخُذَ حقَّ كُلِّ مُتَحوِّلٍ خارق تَناثَرَ دمه على بِذْلَتُه ، لِعِلْمِهِ بِسوءِ التَّحكيمِ و شُرُوعِ قرارٍ لم تَفُحْ من أصحابِهِ رائِحَةُ النَّدَم الَّتي أعْمَت من تضرَّرَ مِنْهُ ، ليُقْتَلُوا جميعاً بالنهايه ، و من سُجِنَ رهينةً و عُذِّبَ حتَّى أصبحى صُراخُ ألمهِ لحنٌ لدى آذانِ الجلاَّدين ليُقَرِّرَ وضْعَ المَّوتِ في أعلى قائمةِ أمنياتِه ، ليأتِي القَدَرُ خَلْفَ ظَهْرِهِ المَرسومُ عَليهِ الألمُ بأعمَقِ أشكالِه مُرَبِّتاً كَتْفَهُ المُكَبَّلُ بِسلاسِلِ حديدٍ لانهائيه ، مُعْطِياً له فُرصةً أخيره للهروبِ و الثَّأر ، ..."يبدوا أنَّ لا أحد مِنْكُم يَفْهَمُ الوضع ، أنا لسْتُ مَسْجوناً معكم بل أنتم المسجونونَ معي"... ، قد إبتعدْتُ تماماً عن رِفاقي ، عن جَماعَتي و من هُم مثلي بِغَيْرِ رغبتي ، و أصبحتُ انا الوحيدُ النَّشِطُ ليلاً ، هنا يأتي دوري الَّذي لم أترُكَهُ منذُ أكثرَ من نصفِ عقد ، "الإنتقام" ، ... فيَخِيمُ السَّوادُ على أهالي المدينة ، فأتَوَارَى عن الأنظارِ بشكلي الآدمي البسيط المهتز ثقتُهُ بنفسه في الخرابِ أتَجَهَّزُ لمُهِمَّتي ، بِزَّتي ، مِعطفي ، قُبَّعتي ، حذائي ، قُفَّازي ، و قِناعي "وجهي" ، بإرتدائهم أنْسَلِخُ تماماً عن تَنكُّري و أصبحُ نفسي ، مُتحرِّراً من الخوفِ و الضعفِ لآخر مره ، و من الزقاق ... ، أسمعُ صوتَ صُراخَ إمرأةٍ تتعرَّضُ للإعتداءِ و الإغتصابِ ، أُولَى نغماتِ موسيقى المساءِ الكلاسيكيه ، هذه البلده ... هذه المدينة تخافُني ، هذا المجتَمَعُ بِئُونَاسِهِ الكريهينَ أسفلُ مني و من كانَ قبْلي ، لقد رأيتُ وجههُ الحقيقي ، الشوارعُ عبارةٌ عن مواسيرِ مجارٍ طويلةٍ مهجوره ، و المواسيرُ تمتلِىءُ بالدماء ، و عندما تفيضُ البالوعاتُ في النهايةِ بِمهرجانِ الدماء هذا ، سوفَ تَغْرَقُ كلُّ الهوامِ السَّاهره ، كلُّ قاذوراتِهِم المُتراكِمه من جِنسٍ و قتلٍ و ظُلمٍ و إعتداءٍ و تعذيب ، سَترتَفِعُ إلى خُصُورِهِم ، كلُّ العاهرات و السياسيون و الخائنون سينظرونَ إلى أعلى و يصيحون ..."أنقذنا" ... ، و سأهمِسُ لهم "لا" ، العالمُ بأكمَلِهِ يقِفُ على الحافَّةِ غير دارٍ بالفاجعه ، يُحَدِّق إلى الأسفل حيثُ الجحيمُ الدامي ، جميعُ أولئِكَ الليبراليين ، و المُفكرين ، و أصْحابِ الدينِ و اللِّحى ، و ذوي الكلام الناعم ، فجأةً لم يجد أحدٌ ما يقوله ، هذا المجتمع يصرخُ نفسياً و كأنها مذبحةٌ مليئةٌ بالأطفالِ المشردين و المُتَخَلِّفينَ عَقلياً ، و الليلُ يَعْبَقُ بالزِّنا و الضَّمائر القذره و المُخطَّطاتِ الكُبرى ، و بِجانِب من كانَ مثلي أرسُمُ بالدَّم بديلاً لبَخَّاخاتِ الرَّسم الخاصةِ بالهواة على جُدرانِ شوارعِ ذلك السِّجنُ الَّذي نَقطُنُ به ... "كن بطلاً خارقاً فالفوضى هي الحدود الأخيره"...
Written by : Abdalla Algarabawy