صدف أن زرت خلال الأسبوع الماضي مدينة النبطية في جنوب لبنان، لموافاة أحد مسؤولي لجان وزارة التربية كي اصطحبه للقيام بزيارة تقنية لفرع الجامعة التي اعمل فيها في منطقة قريبة.

وهو كان هناك لزيارة مماثلة لجامعة يغلب عليها الطابع الديني الإسلامي. طبعا نحن في شهر رمضان المبارك، والنبطية تتميز بنسبة التزام عالية بموجبات هذا الشهر الكريم.

سألت عنه وقلت للحارس اني انتظره في السيارة. فعاد الحارس ليبلغني أن مديرة الجامعة تصر على دخولي إلى الحرم الجامعي. لبيت تلك الالتفاتة الكريمة خاصة اني امثل جامعة منافسة.

وحين دخلت فوجئت بأن إدارة الجامعة قد حضرت فطورا للمسؤول التربوي ودعتني لمشاركته الفطور.

( سبب الدعوة أن كلينا من الطوائف المسيحية).

اعتذرت لأني اعتدت على احترام قيم المجموعات المختلفة.

لكن هذه المبادرة انطبعت في ذهني حول بعض الرموز القوية لممارسة العيش المشترك، واحترام قيم الشريك في الوطن ، وإظهار هذا الاحترام حتى لو تعارض مع زمن صوم محدد.

اعتقد انه اذا كان للبنانيين أن يستمروا في عيشهم المشترك فلا بد من اعتماد عقلية احترام القيم هذه. لانها تسمح بالمزيد من التفاعل بين مكونات تعددية.

انا لن انسى هذه المبادرة لأني اعتبرها عنوان من عناوين فهم اللبنانيين لبعضهم البعض، ومثال يجب تناقله من منطقة إلى أخرى. فكل مجموعة لديها طريقة لتظهر احترامها لقيم الاخر وهذا هو المعنى الحقيقي للتطور الحضاري.

نعم الحضارة ليست بالملابس الفاخرة ولا بالعمارات الشاهقة ولا ولا ولا....

الحضارة تتكون من مجموعة من السلوكيات الصغيرة التي ترمز إلى معان كبيرة وقوية لدرجة تصلح لتتناقلها الأجيال.