الفوضى التي تشهدها ليبيا لن تتوقف عن الحدوث بعد المؤتمر الدولي !
حينما تتحول الدولة الليبية الى الفوضى ونرجع مشاهد الفوضى الى فشل الحوار بين الفرقاء الذي يكمن في تنوع وتعدد المؤسسات الموازية بين شرق وغرب ليبيا، يكون من الصعب على دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية مساعدة ليبيا الخروج من أزمتها المؤسساتية.
تزداد الدولة الليبية حالة عدم الاستقرار عندما تعتقد الدول الخارجية أن التواصل الى اتفاق الشراكة كان احد الجانبين ما بين جانب الدول الإقليمية والدولية والجانب الليبي، لأنهم عازمون على تأثير مخرجات العمل السياسي الليبي.
المتنازعين على مناصب السلطة في ليبيا هم من يقف في طريق الوصول الى التوافق السياسي الليبي، وهم من يتحكم في مسار الشأن الداخلي والتحول والانتقال من حالة الفوضى الى حالة الاستقرار السياسي الليبي.
وحينما يعقد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في اجتماع له بمقر المجلس في العاصمة الليبية طرابلس لمناقشة نتائج زيارة السراج الى فرنسا التي شاركت فيها الأطراف السياسية الليبية، نجد نتائج الزيارة تتحول الى شيطنة سياسية مرة أخرى في معالجة القضية السياسية الداخلية، ونقول على ليبيا السلام !
لقاء دعا إليه الرئيس الفرنسي في اجتماع لعدد من دول العالم عربية وغربية والمنظمات الدولية والإقليمية في وسيلة وحيدة من الرئيس الفرنسي ماكرون لاكتمال العمل السياسية الليبي ووضع ليبيا أمام مشهد العالم اجمع من اجل العمل الدولي الموحد الهادف الى أنقاض ليبيا من أيدي العابثين الذين يجرونا مشاكلنا الداخلية الى خارج الوطن.
ومن ضمن مشاكلنا التي أصبحنا نجرها الى الخارج تأكيدا القائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا ستيفاني وليامز على أن الحل الوحيد الدائم لليبيا الخروج من مأزقها السياسي، بمعنى أن الولايات المتحدة مستعدة الى وضع قدم في ليبيا بمجرد قبولها في اللعبة السياسية الدولية.
الولايات المتحدة الأمريكية حتى هي تؤثم جهود غسان سلامة بجهوده لتسهيل الحوار وتحسين الحكومة ومساعدة الليبيين على الاستعدادات لإجراء انتخابات ذات مصدقيه وآمنة في ليبيا.
الواضح أن أمريكيا تريد موضع قدم في ليبيا وبأنها حتى هي لان تترك ليبيا تذهب من بين أيدها الى المستعمرات الليبية القديمة منها ايطاليا وفرنسا وتركيا وبشكل استثنائي تعمل الولايات المتحدة مساندة حكومة الوفاق الوطني معربه عن سعادتها الكاملة بالتزام فائز السرج والمسؤولين الليبيين بواجباتهم في مواجهة التحديات الانسانية في البلاد وتعزيز سيادة القانون.
كيف للولايات المتحدة أن تدعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وهي تعلم جيدا أن ليس لليبيا دستور يحميها من مجمعات سياسية تريد التسلق الى الحكم في ليبيا بدن وجود شرعية دستورية تقر بعملهم السياسي واتخاذ مراكز سيادية في ليبيا مرة أخرى!
مع العلم أن أمريكيا استثمرت منذ ثورة السابع عشر من فبراير لعام 2011 ما يزيد عن ثلاث وعشرون مليون دولار لدعم التطوير الدستوري والاستعدادات للانتخابات في ليبيا.
للتعامل مع الأزمة الليبية وخطة طريق الأمم المتحدة للخروج من الفوضى، كان هنالك في طرابلس العاصمة الليبية انسداد سياسي نحو قوة الشرق الليبي المسيطرة على الأوضاع، حينما نضيع ونفقد الأخلاقيات والقيم الوطنية أوزارها في حلحلة الانحطاط السياسي القائم اليوم في ليبيا.
و حين يؤكد مجلس رئاسي الدولة الليبية تنفيذ ما ورد في الاجتماع وعلى التزاماتهم بروح المسؤولية في ما ورد في إعلان باريس، نجد أقاويل بدون أفعال ملموسة ترضي المجتمع الدولي والمجتمع الليبي، بل أقاويل ترضي أهوائهم السياسية.
اليوم الجماعات الإسلامية تلعب دور سياسي خطير جدا ليس في صالح استقرار ليبيا، جماعة فجر ليبيا تتحالف من تنظيمات متشددة و تصر على استخدام قوة السلاح للسيطرة على مراكز السلطة في العاصمة الليبية طرابلس ومصراته لنفرض أمر واقع على حكومة الوفاق الوطني وتقبلهم كجماعات مسلحة من قبل المجتمع الدولي.
الزيف والكذب والتعامل بوجهين من جهة حكومة الوفاق الوطني في الغرب مع مجلس النواب الجهات البرلمانية التشريعية في الشرق والتعامل معهم كخصوم وليس كحلفاء في السياسية الليبية هو الذي يعمل على تحويل الحليف الى خصم وعدو فيصبح العمل السياسي عمل عدواني في ليبيا وتزداد الهوى بينهم.
منذ تسلم فائز السراج الرئاسة في حكومة الوفاق الوطني المنبثة من شرعية الاتفاق السياسي في الصخيرات والتي لم تعتمد من مجلس النواب الحالي في المنطقة الشرقية والحملات الشرسة بين فائز السراح رئيس حكومة الوفاق الوطني ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني المنبثة من مجلس النواب التي مقراها في البيضاء شرقي البلاد.
لكن ازدادت في الآونة الأخيرة الخلاف في شرعيتهم الدستورية ممن يفترض أن يكونوا في معركة واحدة وخندق واحد، إخراج ليبيا من الأزمة الخانقة وتكوين حكومة واحدة موحدة تحت الدستور الليبي الدائم وتنتهي عملية ازدواجية الحكومات في الشرق والغرب البلاد.
وفي اعتقادي الشخصي أن الصراع بين حكومة ليبيا في الشرق وحكومة ليبيا في الغرب سوف تتزايد في حمالاتهم الهجومية من الناحية الشرعية الدستورية طالما أن الدستور الليبي الدائم لم يقر من الشعب الليبي بشكل نهائي.
نتفق ونختلف في نفس الوقت مع خطة غسان سلامة خطة من اجل أخراج ليبيا من النفق المظلم، لكن اختلافنا مع غسان سلامة في خطته بشقيها المتتالية والمتوالية من ثلاث مراحلها الأساسية، لم يؤكد غسان سلامة على دستورية الدولة الليبية ومن تبني الدستور الليبي أولا قبل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسي في ديسمبر المقبل من هذه السنة لعام 2018.
نجاح حكومة ليبية موحدة ومؤسسات وطنية موحدة وأزالت المؤسسات الموازية عمل شاق ليس بالهين في هذه الفترة العصيبة على الدولة الليبية، حتى لا نصف العمل السياسي بالفشل من الجهة الشرقية والنجاح الكامل من الجهة الغربية من البلاد ليبيا.
بل النجاح يجب أن يكون على الصعيدين الشرقي والغربي وتحالف من اجل ليبيا ووضع اختلافاتنا الأيدلوجية على جانب التي تعرقل مسار التقدم والنجاح من منظمة الحكومة الواحدة الموحدة التي لها ايجابيتها في عامل الاستقرار والتقدم وميلاد الدولة الليبية الثانية بمؤسساتها الدستورية الشرعية.
أخطاؤنا نحن الذين نتحملها ولا نحملها على المجتمع الدولي وأمم العالم بعد الاجتماع المؤخر الذي انعقد في باريس بمخرجات دولية لصناعة خارطة طريق ليبيا لتخرجنا من عنق الزجاجة الضيق بقيادة غسان سلامة وليس بمخرجات داخلية في تحالف وطني ليبي بين الحكومات المتنازعة بين الشرق والغرب.
معوقات الماضي من استخراج الدستور الليبي، يجب علينا حزمها، حزم الدستور وخروجه على حيز الوجود عامل مهم في شرعية الحكومات القادمة بعد أزالت جميع الحكومات الموازية من الوفاق والمؤقتة الأخرى التي نامت على عرشها في طرابلس الغرب.
تبني الدستور الشرعي لميلاد دولة ليبيا الأولى من عام 1951 والمعدل في عام 1963 أو في مشروع الدستور أو الإعلان الدستوري تكوين ميلاد ثاني الدولة الليبية المعاصرة والاستفتاء على احدهم أو كيلاهما من قبل الشعب الليبي حتى نظمن شرعية دستور الدولة الليبية بشرعية مطلب الشعب الليبي وليس من الدول الخارجية في اتفاقات سياسية خارج الوطن الليبي.
خطوات حاسمة ومتتالية في خارطة طريق وطنية ليبية من داخل الوطن بقيادات شعبية ليبية تعمل على سد ثغرات النزاع بين أقطاب النزاع الليبي ومن هنا جاء الحديث على أن العمل السياسي يجب أن يكون من داخل الوطن وليس من خارجة وحتى نحقق مقولة واحدة من أشهر المقولات العربية المتداولة في المجال السياسي العربي "أهل مكة أدرى بشعابها".
ليس من حكمة العقال أن تترك المقولة الواضحة ونحتاج لمن يشير لنا على أن جميع الطرق تؤدي الى روما وإلا جميع الطرق تؤدي الى باريس العاصمة الفرنسية، لكن الطريق هو طريق واحد ليس غيره طريق، طريق خارطة وطنية ليبية متتالية التطبيق في دستور الوطن ثم الى انتخابات رئاسية وتشريعية لها الصبغة الدستورية الليبية.
الخروج من هذه الخطة الوطنية تؤدي الى كارثة الوطن الليبي والمزيد من عدم توقف عن الحدوث من الفوضى في ليبيا التي تقودنا الى فكرة وصورة الانقلاب العسكري الليبي الذي ينقلب فيه العسكر الليبي على الدولة الدستورية واستعادة السلطة المدينة الى سلطة عسكرية لتحكم البلاد مقومات ودعم خارجي بين تحالف الدول الخارجية.
الخلاف بيننا يقود الى هذا العمل الحاسم في ليبيا، حسم الفوضى التي تهدد ليس ليبيا فقط بل الدول الإقليمية والدولية التي لها مصالح إستراتجية مع ليبيا والتي تريد ليبيا أولا أن تعمل في محيط إطار الدولة ومؤسستها الشرعية باعتبار ليبيا الدول المهمة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
يجب علينا دائما أن نتذكر ومن أحياها في ذاكرتنا دائما وابدأ بأن العمل العسكري الذي يساند الانقلابيين على الإطاحة بالنظم السياسية يعمل على تأخير الدولة من جميع نواحيها التنموية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن التنظيم العسكري يجب أن يكون خاضع الى الدستور الليبي وليس الى الحاكم المدني في الدولة الليبية وأن يكون في حدود حماية الدولة ونظامها السياسي مع تعاقب الحكام وحماية اقتصاد ليبيا وحماية الكيان الاجتماع الإنساني الليبي.
خضوع القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر لا تكون الى القيادة السياسية المتمثلة في فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني وليس الى عبد الثني رئيس الحكومة المؤقتة ولكن الى الدستور الليبي الدائم الذي يحدد سلطاتهم جميعا، حكومة وجيش الوطني الليبي وبهذا قد قمنا بحل الإشكالية المتأزمة بين الأقطاب السياسية المتنازعة على السلطات في الدولة الليبية الجديدة.
ككننا نتساءل لماذا كل هذه الزوبعة في تعديل و تضمن اتفاق الصخيرات في الدستور الليبي الدائم وأبقى المؤسسات الموازية على ما هي عليها حتى اليوم، ونتباعد عن المطالب الوطنية وبالعمل الجاد في استقبال الدستور الجديد الذي يجمعنا و يحمينا من الأطراف السياسية المتنازعة المتسلقة على سيادة الدولة الليبية ولا شك في أن الشعب الليبي يطالب باستحقاقاته الدستورية .
ويتم الايجابية بالإشارة الى العمل الدستوري المقنن في لوائح التشريعات الليبية وقانون الأحول الشخصية الليبية والابتعاد عن استبدالهم بتسويات خارجية بشوط القوى الأجنبية، بما يلفت انتباه الكثير منا بخصوص عدالة القوانين الليبية التي لم ستأنف الى العمل الجاد في محيط الاجتماعي الليبي مرة أخرى.
ليبيا اليوم تمر باستحقاقات دستورية والفرار من الهلع بأخطر مراحلها والانتقالية فهي ليس بالسهل كما يضن الكثير منا انجاز الصعاب ولكن تحمل النتائج عددا من بعد الأسباب والمسببات والمعوقات التي ليس في مجال ذكرها هنا بالتفصيل وان كنا سنتطرق إليه في المقالات القادمة ! ...
بقلم الأستاذ رمزي مفراكس