لي صديق لا يفعل ولا يقول إلا العجائب.

جاءني مرة، وقال: تعلم إن لكل امرأة من بني آدم شيطان، إلا المرأة السعودية فلها عشرة!

قلت: ولم؟

قال: شيطان لأنها امرأة، واثنان لأنها جميلة، والباقي لأن في ضياعها ضياع لنفسها وأهلها ومجتمعها وأمتها.

أنا: قد أصبت، وصدقت.

هو: وتعلم، لا أحد أعرف مني بمذاهب النساء، المرأة عندنا لا تضيع في أغلب حالاتها إلا إذا كان عمرها دون السابعة والعشرين، وتعلم لم؟!، لسهولة التغرير بها وغشها وخداعها، فهي مندفعة في مبتدأ حياتها لم تجرب، ولم تعرف، ولم تفطن، ولذا هي ممتحنة بدسائس غيرها، وممتحنة بعقلها لقلة التجربة، وضعف عقلها مع شدة عاطفتها.

أنا: أراك تقول هذا، وكأنك قد سبرت وعرفت، ولن أكون بعيدًا إن قلت: إنك قد جربت!.

قال وقد اربد وجهه وخفت صوته، وسكت هنيه، وذهب به الهم مذهبًا، عرفت فيه عظيم ألمه وحزنه: لا، ولكني قد أوشكت على السقوط مرة، فتفكرت واعتبرت وعاد إلي رشدي، واسمع عني: قد تقع المرأة فيما هو عار عليها ووبال لرؤيتها قريبة لها أو صديقة أرخصت نفسها للرجال، وتبذَلت لهم، فتكون قريبتها هذه أو صديقتها لها كالقائد، مع أن المأتى الذي ذهبت إليه صديقتها غير مرغوب لها، ولا مراد عندها، وليس له قيمة، ولكن لأنها سمعت عن ذلك العالم، انفتح بصرها عليه وحسبت أن فيه سعادتها وحياتها الكاملة.

ثم تنهد، وصمت قليلا وقال: ولكن..!

أنا: ولكن ماذا؟

هو: ولكن ما إن تطأ بأول قدم لها في أوحال هذا العالم الدنيء، حتى تعرف مرارة واقعه، وحقيقة أمره، فتندم ألف مرة ومرة، وتطلب لنفسها الموت، ويستولي عليها الحزن العظيم الذي لا نجاة لها معه، لأنها مستقيمة النفس والعقل ولم تفق إلا بعد أن أبصرت نتيجة سقوطها، وعرفت حقيقة ما أقدمت عليه.

ثم قال: هل لي أن أنصرف الآن... فقد تعبت نفسي من أحاديث النساء، ولا أحب أن آتي على ذكر لهن، ففي ما مضى لي من أحداث تذكرتها كفاية، فقد أثقلت كاهلي، وآلمت قلبي، ولعله يكون لنا لقاء آخر تهدأ فيه نفسي فأحدثك  بأسرارهن ومذاهبن، ثم ودعني بوجه شاحب وانصرف....

بقلم: سامي الذبياني