في باريس يجتمعون .. وليبيا تنزلق في المزيد إلى حالة من الفوضى

ليس من المعقول والقبول باجتماع دولي بين أطراف النزاع متمثلة في الرجل القوي المشير خليفة حفتر في الشرق وفايز السرج خصمه الدود في الغرب، أن يتركوا ليبيا هكذا تنزلق في المزيد الى حالة من الفوضى.

والمعقول والقبول على حد قول مندوب ليبيا الأسبق عبد الرحمن شلقم "الكثير يعتبرون ما حدث في باريس مجرد مظاهر سياسية دولية لن تحقق شيئا" معتبر الرئيس يواجه حركة شعبية ضد مشرعه الاقتصادي الإصلاحي.

ومن هذا المنطلق والمنطق من مفهوم خارجية ليبيا الأسبق وممثلها الأسبق في الأمم المتحدة، نؤكد على أن الذهاب الى باريس كان مشهدا من المشاهد التاريخية التي تسجل على دول العالم وحدث غريب الأطوار لم يسبق له مثيل في اجتماع مكثف من أمم العالم على القضية الليبية.

أمم العالم تجتمع وفي ما بينها الأمم المتحدة صانعة الاستقرار والأمن في العالم وبالأخص صناعة خارطة طريق ليبيا التي تخرجها من عنق الزجاجة الضيق بقيادة غسان سلامة .

هنا في باريس كان يجب عليهم جميعا الذهاب في لقاء محموم بالفرحة والسرور مع الرئيس الفرنسي ماكرون لاكتمال المشهد العالمي من ضعف وتردي دول العالم على حلحلة القضية الليبية ومن اجل العمل الموحد الهادف الى  أنقاض ليبيا.

أناس سذج التفكير وضعف النظر التي تقودهم هواهم الى مطامع شخصية دون النظر الى العامل والقاسم المشترك بين ليبيا وتلك الدول المجتمعة بوفودها الرسمية، لتنغمس في مطمعها بسلة فرنسة مقدمة إليهم على طبق من ذهب دون الرجوع الى مصالح الشعب الليبي ومصالح الدولة الليبية من النواحي الاقتصادية والسياسية والأمنية.

العمل الجاد والحديث الوطني الصريح يكتمل بقبول خارطة طريق سياسية تتضمن إجراء أولا استفتاء عام على الدستور الليبي ومن ثم انتخابات آخر بمخرجات جديدة غير متكررة لإعادة النظام الى ليبيا دون المساس بالهوية الوطنية الليبية عند الصلح والاتفاق الوطني الليبي الشامل بين الأطراف المتنافسة على السلطة والثروة والسلاح الليبي.

خطوات غير مكتملة يتخذها المؤتمر الدولي في سيناريوهات من منظور مصالح الدول الحضور للخروج بليبيا من الأزمة الخانقة التي تكمن في صميم العمل السياسي  الدولي وليس العمل الليبي الداخلي والوصول الى قناعات مشتركة واتفاقات راسخة تعمل على اخضع ليبيا الى أسوار والحصون الدولية.

اتفاقات في باريس كانت غير ملزمة على الأطراف الليبية بمعنى أن الاجتماع كان الغرض منه ترك الأمور على ما هي عليها تغمرها الفوضى وعدم العمل الجاد من  تبسيط المؤسسات الليبية المنشطرة على نفسها المتسمة بالتعقيد البالغ في مواجهة الدول التي لها مطامع داخل ليبيا.

القضية السياسية الليبية من ناحية الدستور الدائم ودستورية المؤسسات العاملة في ليبيا ومن أجراء انتخابات تساندها القوى الإقليمية والولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الدولية لم ينظر لها من منظور يعمل على استقرار الدولة الليبية المتهالكة وبالتالي يعمل على استقرار دولهم التي تحارب الإرهاب المنتشر في العالم.

كيف يمكن للمجتمع الليبي أن يتناسى أو تغض الأطراف المتنافسة الليبية عن أهمية مشروع الدستور الليبي في تحقيق النجاحات الكاملة الى العمل السياسي الليبي ومراحل الانتقال من دولة كانت لفترة طويلة خالية من الدساتير الليبية والانتقال في مرحلة انتقالية ملموسة الى دولة المؤسسات الوطنية الليبية الطامحة الى الاستقرار المؤسساتي الدستوري.

وبحسب الظروف التي تمر بها ليبيا كان لازما منا أن نبحث على كيفية تشكيل حكومة موحدة تعمل على تهدئة الأوضاع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي تعصف بالبلاد الى المزيد من التهلكة والخراب والدمار والتشرد والنزوح والحروب الداخلية منذ اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير لعام 2011.

ولقد شاهت في المؤتمر الدولي قانون الحصانة العامة على ليبيا أمام عشرين دولة معنية بالأزمة الليبية ومن التخوف من استمرار ليبيا المضي قدما في التأزم والتخلف والفوضى وبرهانات الدول الحضور على الصيد الأمني والهجرة الغير قانونية بالدرجة الأولى.

دول الجوار كانت من ضمنها مصر وتونس والجزائر وتشاد والمغرب، وآما منطقة الخليج العربي كانت السعودية والكويت والإمارات وقطر ومن الدول الاستعمارية السابقة لليبيا، تركيا وايطاليا وبريطانيا ودول الخمس العضوية في مجلس الأمن روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة وإضافة الى إليهم ألمانيا.

بهذه الدول المتجمعة في المؤتمر الدولي الذي انعقد في فرنسا على سعيهم من مفهوم مصطلح واحد، تسويق خطة الأمم المتحدة وخارطة طريق غسان سلامة المطروحة على توحيد الدولة الليبية في مؤسساتها وقيام برلمان واحد وبنك مركزي واحد وجيش وطني واحد مع حلول نهاية السنة بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية.

ولكن العمل الدولي لزال منطلق من النواحي النظرية السياسية الدولية غير مدركين أنهم يؤسسون وبدون إدراك

لإراقة المزيد من دماء ليبيا من المليشيات الليبية المسلحة التي لا تريد الخروج من المشهد السياسي الليبي ومن استمرار المزيد من الفوضى وانتهاكات مستمرة بحق الشعب الليبي في أزمته الاقتصادية الخانقة.

في حين أن الأقطاب السياسية المتنازعة كانوا بالأصل طامعين بالسلطة والنفوذ ولا نعتقد أنهم سوف يتركون الحكم للعمل الدستوري الذي ينص عل صلاحياتهم السياسية الشرعية في الحكم والتحكم في ليبيا.

أن المتنازعين السياسيين هم اليوم نخبة الكهول التي أغرقت ليبيا في هذه الفوضى العارمة ولزالوا يبحثون على موطئ قدم لهم في مراكز القرار السياسي الليبي، وهو ما اتضح جليا في الأحداث المتلاحقة من بداية ثورة فبراير حتى يومنا هذا.

مزيدا من العفو والصفح على المساجين الغير السياسيين والسياسيين الليبيين بقوانين شرعية ليبية هو ذالك الطريق الصحيح لإرساء العدالة والسلم الاجتماعي في ليبيا، لا يمكن جبر الضر بالضر وكشف الحقيقية بالنزيف على تاريخ الأمة الليبية.

الانتهاكات الخطيرة والجسيمة أمانا جميعا هي في عدم تفعيل الآليات الوطنية التي تعمل على التعاون مع شرائح المجتمع الليبي المختلفة، وان وأولى خطوات التقدم الحفاظ على نسجنا القومي الليبي، مساندة أطياف وطوائف وأعراق وأقليات التي تتجسد في الحقيقة الكاملة المنصوص عليها في الدستور الوطني الليبي.

ليبيا يجب أن يكون فيها مرحلة انتقالية لتحقيق الانتقال في التسامح والسلام وهو أمر منوط بالضحايا وأهاليهم بموجبهم يتقرر الطريق المنير الى المجتمع المتماسك والمترابط بالآيات العملية للعدالة وليس بالطريقة التي يسعى لها الحاقدين المتربصين على تكرار وافتعال الكثير من الأزمات في البلاد.

أمر قد يثير حفيظة الكثير من حولنا من تبني منظرو أخرى في التعامل مع القضية الليبية الشائكة، إننا أمام

ملف مفتوح لسجل حافل بالانتهاكات الخطيرة للحقوق الإنسان الليبي منذ سنوات عديدة.

لا يكمن بأي حال من الأحول الاستمرار في  المزيد من الانتهاكات، و العقل والحكمة هم ضالة المجتمع الليبي من تدبير وإعادة ترتيب  البيت الليبي في أمور الوطن الواحد الموحد المتكامل !  ...

بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس