مدخل

تسجدين الآن فجراً ،يُلاصق جبينك الطاهر مقدمة سجادتك ..سجادتك التي طالما تمنيتُ أن أكونها لأحظى بهذه الدرجة من القدسية ،لأنها من اهتماماتك المعدودة التي تُولينها العناية بفطرتك لأن فطرتك تُخبرك أنها المكان الذي ستقفين عليه في موعدك مع الله .. الله ،وهنا تكتمل ثُلاثية المشهد الذي يعمل عليه أمهر المخرجين ليكون مشهدهم السينمائي الأروع تُتقنهُ جبّلتُك في عشر دقائق ! 

وأنا عندها دائمة الحياء ،كلما رأيت هذه الهالة من الخشوع تغشاك ،يمنعني حياءي أن أقطع اتصالك ،أقول يارب آمين فدعواتها أولى من طلباتي ..

أما بعد يا أمي:

إني في الوقت ذاته لطالما تمنيت أن أبكي ،أفتح لك صدري وأشرح بإسهاب عن هذه الندوب في قلب صغيرتك ،بإسهاب ياأمي ودون حرج من كمية الكلمات الغبية والأوصاف الغير مفهومة ،وبتجاهل أكبر لكمية الحشرجة التي تحاول منعي عن الإكمال ! 

ولكن كالعادة تمشي رغبتي على استحياء إلى أن يقتلها حياءها عند شفتَيّ ..!

وينتقل بصري منك إلى السماء ،إلى الله ..

الله ..الذي تُتمتمين له على سجادتك وتناجيه ابنتك في قصيدة ..

الله.. الذي ملء نطاق علمك فبَصُرتي بما لم تَبصُر به ابنتك الجامعية ..

الله .. الذي كنت أُطالبك دائماً أن تتوقفي عن فعلٍ ما لأن علمي لايراه مُجدياً فتُجيبي :لله، لتخرس كل مصادر علمي أمام أُمّيتك !

الله يا أمي ،مثلما تقطع تنهيدتك العميقة حزن دعواتك ،أنا هُنا أشكو إليه سنيني العجاف .. وأشكوهم إليه لأنه يرى قلبي ومافعلوه .. الله الذي زرعتيه في قلبي نوراً لازلت أراهُ يدنو في حلكتي ألِقاً ..يشفي حناياي من همّي ومن حزني ..

لازلت يا أمي ،لاتهتمّي بعدها لكل لمعة دمع ،أو تذمّر ،ولكنّي لازِلت أيضاً أتمنى هذه اللحظة ..حتى إشعارٍ آخر ..

نوره