منذ القدم والصراع بين الحق والباطل لا يخبو أواره ولا تهدأ ناره ، وتنتفخ أوداج الباطل شامخاً أنفة حتى يلاقي مصرعه وحتفه ، وبعد جولات عديدة يحرز في بدايتها انتصارات ظاناً أنها القاصمة ، والنهاية القاضية ، وغاب عن عقله أنه مهما طغى الباطل فإلى الحق المصير . قال تعالى: (( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ )) [الآية 17من سورة الرعد] . إن أمتنا اليوم لفي مسيس الحاجة الملحة إلى صدق اليقين وأن حاضرها لابد وأن يكون امتداداً لماضيها التليد . في مبادئها السامية ، وقيمها العالية وحضارتها الرفيعة ، حتى تتبوأ مكانتها التي أرادها الله لها وتسترد عزتها التي منحها اياها قال تعالى: (( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )) [الآية 8 من سورة المنافقون] .
الحق إذا لم تسانده القوة فهو حق ضائع ، وكل دعوة صادقة خلت منها التضحيات وكان الفداء نحوها مفقوداً فهي دعوة محكوم عليها بالضعف والهوان مسجلة في سجل الإضمحلال ، وكل عقيدة فقدت عنصر الفداء فهي إلى فناء ...