S
SulimaN

ولدت حافيًا ..

مدة القراءة: دقيقة واحدة

الآباء لا يكبرون

17-3-2018


في الغرفة سبعة بوحدة العناية المركزة يرقد ابي ، يرقد من عرّف لي معنى " العطاء " بلا حدود ، يرقد من علمني ان الابوة صداقة ، وان البذل مُقدٌم دائمًا ، والوفاء مبدأ ، يرقد من بكت عليه نخلات المنزل قبل ان نبكي ، واعتكفت حمامات الحي البيضاء في اعشاشها حزنًا عليه ..

ادخل المستشفى كل ساعة متجهاً للمصعد ، اضغط على الزر واتمنى ان لا يصل ، اريد ان يبتلعني ثقب زمني لا اعود منه للابد ، ولسوء حظي يصل كل مرة بسرعة فائقة ، اجر خطواتي تجاهه ، وكرة الحزن تكبر معي في كل خطوة ، اريده ان يصحو لاقول له " ابي مازلت طفلًا ، لا تتركني ارجوك " 

كنت اظن ان الآباء لا يكبرون ، انا ذلك الطفل الصغير المتمرد في حضرته وسأظل كذلك ..

غاب الكلام وبقي الصمت المزعج ، تركني تائهًا في عرض الحياة ، تنهشني الذاكرة ويقتلني الحلم ، اسقط كل يوم مائة سقطة دون ان اجد من يجمعني ، اصبح العالم الفسيح  خندق معركة قذر ، مبلل بالطين ومليء بالجرذان ..

كل اتصال ، وكل سؤال ، وكل نحيب عليه عزاء مؤجل ، فأس يضرب صدري بلا رحمة ..

لم يعد لأي شيء قيمة تذكر ، رحل المعنى بسقوطه ، وارتبكت معه عقارب الزمن ، الكون بلا الوان والطعام بلا مذاق ، وكل شيء بلا رائحة ، عبث ولامعنى مستمر يسمونه " حياة " لا اكثر ..


S
SulimaN

ولدت حافيًا ..

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات