منذ مجيئهم وعلى مدى سنوات,اعتبروا ان ما تركه النظام السابق من اموال بالداخل والخارج انما هي املاكهم الخاصة,ولنقل بعبارة اخرى اعتبروها مكافأة نظير قيامهم بإسقاط النظام,انه وبلا ادنى شك انجاز ضخم ولا يمكن تقديره بثمن,اهدروا المال العام في ما لا ينفع,وزعوا الجزء اليسير منها(وفق الشريعة الاسلامية %2.5 على اقصى تقدير!)على هيئة مخصصات اطفال سنوية وأرباب اسر.

اما بقية الاموال المجنبة وعائدات النفط خلال حكمهم الرشيد,فإنهم اغدقوا بعضا منها على ميليشياتهم الاجرامية وذلك بتجنيد العاطلين عن العمل كما انهم شجعوا اخرين على ترك فصول الدراسة بسبب الرواتب والمهايا المرتفعة والتي تعتبر خيالية لا يحلم بها اولئك الذين امضوا سنوات عمرهم في الاعمال المضنية واشرفوا على التقاعد,لم تعد هناك حاجة للتعلم,ناهيك عن العملية التعليمية وخاصة التعليم الجامعي في حالة يرثى لها,فأعضاء هيئة التدريس يتخلفون عن الحضور لأجل مصالحهم الشخصية وان حضروا لا يقدمون للطالب أي جديد,اما عن المنهج فإنه من صنعهم بضع وريقات(نترحم على ايامنا حيث كان للمقرر اكثر من مرجع وكان الاستاذ يمضي جل وقته في الفصل وبضع ساعات مكتبية)اشبه بالوصفة السحرية التي تخذر صاحبها ولا يفيق إلا يوم الامتحان,حيث الدرجات الجد متدنية, ومن ثم تضاؤل عدد الخريجين,ربما وجد الذين لا يقوون على الاستمرار في الدراسة الطريق في الانضمام الى الكتائب المسلحة سبيلا!,وعلى رأي المثل,ليس بالضرورة ان يكون الجميع خريجي جامعات.

بقدرة قادر وفي غياب الدولة التي يتبجحون بأنهم جاءوا من اجل قيامها,اصبحوا اصحاب رؤوس اموال يملكون استثمارات بالدول الداعمة لهم عرفانا لها بالجميل,الخزينة العامة شبه خاوية,الشعب لم يجد ما يقتات به,يتبعون سياسة جوّع كلبك يتبعك,الطوابير على البنوك التجارية لا تكاد تنقطع لأجل الحصول على بضعة دنانير تقف عاجزة على تلبية الحاجيات الاساسية لارتفاع اسعارها الجنوني,حلّل لنا مشائخنا الاجلاء استخدام بطاقات التسوق (الزيادة في الاسعار تقارب 50% من سعرالكاش )لأن السلع ليست من نفس الجنس!.  

المعلومات المؤكدة التي افرج عنها ديوان المحاسبة والتي طالت كافة المؤسسات وخاصة مجلس الوصاية وحكومته الرشيدة بشان هدر مئات المليارات وتعيين الاقارب بالسفارات ومحاولة  التعدي على الاموال المجمدة بالخارج,وتقاضي اكثر من مرتب من الخزينة العامة,لا تمثل إلا الجزء اليسير من اعمال النهب الممنهج,او لنقل بعبارة اخرى ان هذا ما سُمِح للديوان بالإعلان عنه مرحليا,المؤكد ان هناك صراع داخل اروقة المسيطرين على مقاليد الامور ولا بد من وجود كباش للتضحية بها وان كنا على مسافة من عيد الاضحى,والى ذلك الحين تمنح الفرصة للحذاق,إما الدفاع عن انفسهم او ترك الساحة بهدوء لزملائهم الذين لن يخذلونهم بالسماح لهم بمغادرة الوطن للاطمئنان على استثماراتهم هناك,واخذ قسط من الراحة بعد الاعمال المضنية بالداخل على مدى السنوات السابقة.

وبعد,لقد اوصلنا هؤلاء الساسة والحذاق ورجال الدين الميامين الى اوضاع جد مزرية,ربما مثل اوضاع اجدادنا قبل مائة عام,لقد استولوا على كل شيء وان عبارة (الخير جاي) كانوا يعنون بها انفسهم ليس إلا,ونحن من أسأنا الفهم,المنظمات الدولية تتبرع لنا بالسلال الغذائية,وأخرى ببعض مستلزمات القطاع الصحي,وإنشاء فصول دراسية,وغيرها بالأغطية والخيام,وحفر ابار لمياه الشرب,انه الزمن الرديء الذي جعل من اراذل القوم سادة.

اننا نُكبر روح الوطنية للعاملين بديوان المحاسبة,ونشد على ايديهم ونتمنى ان لا يصيبهم مكروه في عزيز عليهم,وكأني بأي فرد فيه يقول للشعب... هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ,ونقول لمن اجرموا في حق الوطن والمواطن ما اقدم عليه الديوان هو جزء يسير مما اقترفتم من اعمال نتمنى عليكم الاستفاقة وان تكن متأخرة انه صوت خافت في وجدان كل منكم.... هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ...اقرءوا كتابكم الذي بين ايدينا,فلا يزال هناك متسع من الوقت للتغيّر.