كان علي أن أعقل وأنفض كل مشاعري التي سكنت بداخلي حين علمت أنه يملك حياة آخرى غير حياة العمل وغيري, زوجة وخمسة أطفال وأخرى قادمة فالطريق, لكنني أكملت طريقي بمشاعر جديدة و أحاسيس تلوذ بالفرار من نفس الحكاية. (متزوج)!
وماذا يعني؟ هو من رفع قامة الحب بداخلي وجعلني أهيم به كما يهيم المرء في صحراء خالية بحثا عن الماء, كأنه هو الماء لكنه كان سرابا, وهما تركت نفسي تنساق إليه, انتظرت كثيرا أن يقول شيء فـ منذ عرفته لم يكن يتفوه بكلمة غير ( السلام عليكم ) وهذا إن راق له أن يلقي التحية, لم يكن يفعل شيء سوى تأمل وجهي ورسم حكاية مضحكة يقضي بها نهاره فأنا بالنسبة إليه مثل دمية الزينة التي يحتفظ بها الناس على مكاتبهم, ما كان يغيضني حقا هو اندماجه بتفاصيل وجهي حين يكون في اجتماع مهم, أو حين نكون في وقت الغداء يأكل محدقا بي مثل من يتسائل: هل الطعام جيدٌ اليوم؟
لماذا كل هذا التحديق؟ بالرغم من أنك لو وقفت معي في تبادل أحاديث مع أحدهم تتظاهر وكأنك لا تعرفني!, تراقبني من بعيد وتبحث بين الحاضرين عن من له صلة بي, مع من تحدثت؟ ومع من جلست؟ وما كان محور الحديث؟, وحين يهدأ بالك تبدأ في اشعال فتيل الغيرة بداخلي, فتحادث كل من تراها أمامك وتفتعل كل ما من شأنه أن يقهرني وتغادر مبتسما وكأن شيئا لم يكن.
مع ذلك لم يكن من حقي أن أظهر مشاعر غيرتي دون إذن مسبق منك, أي أنه يجب أن تكون هناك حادثة مسبقة تجعلك تنتقم مني لتشعل غيرتي نحوك ثم تكون راضيا, ها انت بعد سنين طويلة من الصمت ترحل وفي صمت أيضا, لم تقل ولا كلمة هذه المرة, ولا حتى ألقيت التحية, تركت كل شيء ورحلت, كان الجميع يعرف أنك سترحل وتترك عملك هذا إلا أنا, التي قلت يوما لصديقتي من فرط حبي لك, إن رحل فـ لن أبقى بعده.
نعم, غادرت وتركتني بين تساؤلاتي وصدمتي, تجرأت وأرسلت إليك استفهاماتي واعترافي بالحب, فـ ما كان منك إلا أن قلت لي: لست متأكدا!
لم يكن ردا ولا صمتا ولا أي شيء سوى لا مبالاة جعلتني دون شعور أبدو أبرد من قطعة ثلج, لو أن امرأة أخرى مكاني لبكت, إلا أن دموعي أبت السقوط احتراما لكرامتي وبقايا وجعي خلال كل تلك السنين, ها أنا الآن وقد شاء القدر أن لا أبقى في نفس المكان, رحلت عنه, حدث ما قلته سابقا لصديقتي إن رحل فـ لن أبقى بعده.