‏‏السؤال:

‏التساؤل هو عند ابنتي وهو ان الحجاب نزل بالشكل الذي نعرفه هو لتفريق الحرة عن الأمه والان لا يوجد عبيد فلذلك يبطل هذا الحكم الشرعيوان علماء المسلمون واعتمدوا علو وجوب الحجاب لهذا السبب وحاليا لاتثق بعلماء المسلمين اليوم

‏الجواب:

‏أولا: من الجيد أن الابنة توجهت لكم بهذا السؤال, ولم تكتمه في نفسها أو تلجأ لمصادر مشبوهة أو مضللة, وما أكثرها في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم, وكثيرا ما تقود هذه المصادر الشباب والفتيات بمكر إلى تساؤلات أعمق بهدف التشويش والتضليل

‏ثانيا: ضرورة التعاطي الإيجابي وكسب مزيد من ثقة البنت, بأن تثنوا على سلوكها في سؤالكم, وتبينوا لها أهمية سؤال المتخصصين والرجوع للمراجع, وهي موجودة دوما ولا علاقة لها بالضرورة بأحوال عصر معين وعلمائه

‏ثالثا: يبدو أن البنت تسربت لها إشكالات متعددة, وذلك من خلال طرحها عن علماء العصر وعدم الثقة, وهذا يوجب منكم الانتباه للمشكلة فحل مثل هذه الإشكالات ببداياتها أسهل.

‏رابعا: ارتباط الحجاب بالتمييز عن الإماء بحيث ينتفي مقصوده بالكلية عند عدم الإماء هو دعوى, والبينة على من ادعى, والأصل في النصوص العموم, فمن ربطها بسياق تاريخي أو بسببية معينة تقيدها وتضيقها, فقد ادعى دعوى مخالفة لعادة الشريعة, مع ما فيها من منافاة لإجماع المسلمين وعملها من الصدر الأول, ولا يعقل ولا يجوز أن يضللوا كلهم على مر القرون ويخفي عليهم معاني هذا الكتاب الذي وصفه الله بأنه مبين محكم نور هادي

‏خامسا: يمكن من خلال الرجوع للنصوص المتعلقة بعلاقة الرجال بالنساء أن نلاحظ فيها بسهولة وبصورة قاطعة أنها تربط أحكام هذه العلاقة برباط العفاف والحياء والبعد عن الفتنة والشهوة في غير محلها المباح وحفظ الفروج وتحريم الزنا, فمن الاختزال المعيب المنافي صراحة لهذه النصوص أن نربطها بشكل قاصر بالتميز عن الإماء وحده, وهو ربط مختزل أيضا كما في النقطة التالية:

‏سادسا: التميز عن الإماء عند العرب هو لما عرف عندها من تعفف الحرة , فهو ليس مجرد تميز بلا غاية, ولذلك إذا لم توجد الأمة فالحرة باقية على تميزها بالعفة وما يقتضيه ذلك من الستر والبعد عن أسباب الفتنة، وأيضا لا يفهم من تمييز الحرة أن الأمة لا تؤمر بالعفة أو لا تمنع منها الفتنة، وفي هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأصل أن عورة الأمة كعورة الحرة ، كما أن عورة العبد كعورة الحر ، لكن لما كانت مظنة المهنة والخدمة وحرمتها تنقص عن حرمة الحرة رخص لها في إبداء ما تحتاج إلى إبدائه وقطع شبهها بالحرة وتمييز الحرة عليها ، وذلك يحصل بكشف ضواحيها من رأسها وأطرافها الأربعة ، فأما الظهر والصدر فباق على الأصل " انتهى من " شرح عمدة الفقه " لابن تيمية - من كتاب الصلاة (ص/275) .

‏قال ابن عثيمين ناقلا عن ابن تيمية بتصرف: إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام ، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر ؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ من النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ، قال تعالى فيهن : ( فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) النور/60 ، يقول : وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه ، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام ، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر ، في باب النَّظر " انتهى من " الشرح الممتع " (2 / 157-158) . وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 15 / 372-374

‏سابعا: يحتاج الأمر مع الابنة إلى الوصول معها لنقطة توازن واعتدال في الموقف من العلماء, بين فقدان الثقة المطلق وبين ادعاء العصمة والسلامة من كل خطء, والوصول لهذا التوازن مهم لأن فقد الثقة المطلق يزيل سببا مهما من أسباب فهم الدين ووسائل العصمة من الهوى والانزلاق فيه واتباع أهله من الجهلة والمغرضين, وادعاء العصمة في المقابل يؤدي لعدم تمييز الأخطاء وعدم عزلها بحيث تجتنب زلة العالم أو العلماء خاصة في أزمنة الفتن التي يبرز فيها من ليس من أهل العلم حقيقة علما وتقى وورعا .

‏والله أعلم

‏⁧‫#الحجاب‬⁩

‏⁧‫#المرأة‬⁩

‏⁧‫#العلماء‬⁩

‏⁧‫#سؤال_وجواب‬⁩