Image title

( أَخِرُ شَتَلات الرّبيع ) من "فصول الخريف"

مع تَوالي الفصولِ بِدمٍ باردٍ مُحَاصِرةٌ بي من جميع الجهات ، مُحاطٌ بغيومِ ألمِ رحمة النسيان الكُلّي بكم فصلٍ قد مرّ لم ألْحظهُ مُعترفاً مني بِتجَاهُلهمِ رغم مرورِهمِ أمام عَيْنَي طَالِبينَ مني أوراق تأشيرةُ الدخول لأعماقِ قلبي دون رَجعة ، مُستنزفين ما تبقى به من دفىءٍ مَصيرهُ مَحتومُ الإنطفاء ، قُبَيْل حُجّةٍ مِنهم بِإنعدام فائِدةُ بَقائِه لي ، كَتبتُ هذه الرسالة الأخيرة بأصابِعي المُرصّعةُ بِحلقاتِ سقيع الشتاء إشتياقاً لِنَفسي القديمة الّتي تَسببتِي تَدريجياً بِإزاحةِ وَميضُها من فَوق أعتابِ بوابةِ حديقتي المُجَرّدَه ، بِتَطايرُ أوراق وَرْدٍ وَرْدي دَخَلَ مُتَراقِصاً بيْن سَتائِرَ كَهْفي الخالي من ظِلالِ الخيال ، مُتَبَرْعِمٌ مكاني سَاكِرٌ بإنعكاسٍ عند أطرافِه ، مدركاً منه انه "انتي" من بقاياكي ، دَخِيلَتٌ مُحَلّقةٌ مُرَحّبٌ بها ، مُسْتَقْبِلاً إياكي بالدَنْو نحوكِ أسلْمُ عليكي بأعلى دَرجاتِ الحرارة حتى تهشّمتي فوق سطح يدي بلورات الجليد بعد مصافحةٍ تلامِست بِحبالٍ من ألسنَةِ اللهب ، مُرْتئياً إنعكاس شكلي بين هذا الحُطام وسط سكونٍ يغزوهُ أصواتِ تَخبّط رياح الشتاء ، في حين التعرف على مالكِ هذه الأوراق الرّمادية الممزقة فوجئتُ بِأنها أَخِرُ أوراقِ شَتَلات الربيع. ، متوجهاً للنافذة ، للمساعدة ، نافِذُ الحيله ، مُكبْلٌ مجدداً بسلاسلِ القدر المضادةٌ لصرخةِ النداء الأخير من آخر شَتَله قبل هَوْل الإنقراض ، مُحَاولاً بِتَردُداتِ عقلي إلتقاطِ نبرةُ الصوتِ هذه مترجماً لها أنها أصواتُ بكاء شابٍ ضاق به عالمهُ المُتجَمّدُ وَسَطَ ليلٍ أبدي ، مُندفعاً خارجَ غُرفتي محاطٌ بِأكبال القدر متوجهاً لمكان أشلاء الشّتَله مُتَعقّباً صدى صَوْتِها يَضْرِبُ وسط أكوامِ حضارةٍ هَلَكَتْ كانت في يومٍ مُزدَهِره ، لِأَصِلَ لِوجهتي فَأجِدُها جُثْةً مجمدة قد تَفتّت من قديم الأزل ، و لَمَحْتُ أَسْفَلُها كائنٌ صغيرٌ أَخضرُ اللون مُفْعَمٌ بإحساسٍ قد فقدته منذ زمن ...

Written by : Abdalla Algarabawy