التشفي بالموت ليس خلقا دينيا ولا إنسانيا , والشماتة باستشهاد الاحرار والمقاومين من الخزي والعار , وقد وصف كتاب القران الكريم الموت بالمصيبة : (( فأصابتكم مصيبة الموت )) و حثت الروايات الاسلامية والتعاليم الدينية المسلمين والمؤمنين بالتأمل في حال الدنيا , و الاعتبار والاتعاظ عند نزول الموت , وجرت سيرة الناس على تأبين الموتى ورثاءهم والبكاء عليهم ان كانوا من الذين تربطنا بهم الاواصر المشتركة كالدم والدين والعقيدة والعرق والقرابة والصداقة ... الخ ؛ ولقد قام النبي محمد من مكانه ونهض احتراما لجنازة مرت من امامه ؛ وقيل له : انها جنازة يهودي ؛ فقال : أليست نفسا - رواه البخاري ومسلم - ؛ ولذا كان المسلمون والعرب من اكثر الناس احتراما واجلالا لمراسيم دفن الموتى , واحتفاءا بهم من خلال مراسيم الرثاء والعزاء , واحياءا لذكرى استشهاد الاحرار و موت الشهداء , وعليه ليس منا من شمت بالشهداء واستهزأ بالموتى والضحايا من الذين قتلوا على يد الصهاينة والاعداء ؛ والشماتة بالموت من اخلاق المنافقين ومن صفات العملاء والمرتزقة والمنكوسين .
وعندما تناقلت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية والعالمية والعربية اخبار تفيد باستشهاد السيد حسن نصر الله تارة , وابنته تارة اخرى , جراء القصف الصهيوني الغاشم على الضاحية الجنوبية , اذ ادعت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية إن السيدة زينب نصر الله، قتلت، وذلك في ظل تضارب المعلومات بشأن والدها الذي تقول إسرائيل إنه كان ضمن الموجودين في مركز قيادة الحزب التي تم استهدافها في بيروت ... ؛ وقال مصدر مقرب من حزب الله لـ"رويترز" إن نصر الله على قيد الحياة، كما ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أنه ما زال على قيد الحياة ... , عمت مظاهر الفرح في بعض وسائل الاعلام العربية واستبشر البعض الاخر , وامتلئت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات السلبية والتي تظهر الشماتة والسرور , وقد انتظر البعض هذا الخبر بفارغ الصبر , لأسباب طائفية معروفة وسياسية مشبوهة , اذ طالما احرج حزب الله والسيد حسن نصر الله الانظمة العربية وحكومات التطبيع والاقلام المأجورة والمرتزقة امام الشعوب الاسلامية والعربية , وطالما كسب تأييد الشعوب العربية ومحبتها في عدة محطات تاريخية من صراعه مع العدو الصهيوني ؛ دفاعا عن فلسطين ومظلومية الشعب الفلسطيني .
ان مسألة موت او استشهاد السيد نصر الله وغيره من قادة المقاومة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل ؛ (( انك ميت وانهم ميتون )) لاسيما وانه من المؤمنين بمقولة : (( الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة )) وهل يخاف الموت من يقدم فلذة كبده في سبيل الله , ويضحي به دفاعا عن الارض والمقدسات ؟!
ومن منا لا يعلم ان السيد نصر الله وامثاله من المجاهدين والمقاومين والمناضلين والاحرار هم قاب قوسين او ادنى من الاغتيال والغدر الصهيوني الجبان ؟
شتان بين الثرى والثريا , وبين العملاء والاصلاء , وبين المجاهدين والقاعدين , وبين المؤمنين بالقضايا الحقة والمنافقين , وبين المحررين والفاتحين والمستعبدين والخانعين , وبين الذين يستشهدون في سبيل الله والوطن والحق والقيم الانسانية وبين الذين يستهزؤون بدماء الضحايا واهات الثكالى والايتام ويشمتون بالشهداء , ويؤيدون الاعداء ويتبعوهم اتباع العبيد الاذلاء .
والشهداء اطول عمرا من المرتزقة وسقط المتاع والعملاء ؛ فقد يرحل الشاعر وتبقى القصيدة , ويعدم الكاتب وينتشر الكتاب , ويغتال المقاوم وتستمر المقاومة , ويموت المفكر وتحيا الفكرة , وعليه اظن ان عمر امثال عمر المختار وجيفارا والسيد حسن نصر الله وامثالهم من المقاومين والمجاهدين والمناضلين سيكون اطول من عمر اعداءهم والشامتين بهم .